الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 3488 ] وحدثنا " أن عمر كتب إليه في غلام من أهل العراق، فكتب: إن وجدتموه ستة أشبار فاقطعوه. فوجدوه ستة أشبار ينقص أنملة، فترك وسمي: نميلة].

                                                                                                                                                                    هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

                                                                                                                                                                    قال شيخنا شيخ الإسلام قاضي القضاة البلقيني - أبقاه الله تعالى - ومن خطه نقلت: الظاهر في ذلك أن من يبلغ ستة أشبار يكون قد بلغ الحلم، وقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه هذا في ترجمة " الغلام يسرق أو يأتي الحد " بعد أن أخرج عن عثمان " أنه أتى بغلام قد سرق فقال: انظروا إلى مؤتزره، هل أنبت؟ ".

                                                                                                                                                                    ثم أخرج عن محمد بن يحيى بن حبان قال: " ابتهر غلام منا في شعره بامرأة، [ ص: 244 ] فرفع إلى عمر، فنظر إليه فلم يوجد أنبت، فقال: لو وجدتك أنبت لجلدتك - أو لحددتك ".

                                                                                                                                                                    ثم أخرج عن حميد، عن أنس " أن أبا بكر أتى بغلام قد سرق، فلم يتبين احتلامه، فشبره فنقص أنملة، فلم يقطعه ".

                                                                                                                                                                    ثم أخرج حديث ابن جريج هذا فقال: ثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة قال: " أتي ابن الزبير بعبد ابن أبي ربيعة سرق، فأمر به فشبر وهو وصيف، فبلغ ستة أشبار فقطعه ".

                                                                                                                                                                    ثم أخرج عن عبدة بن سليمان، عن يحيى، عن سليمان بن يسار قال: " أتى عمر بغلام قد سرق، فأمر به فشبر، فوجد ستة أشبار إلا أنملة، فتركه، فسمي الغلام: نميلة ".

                                                                                                                                                                    وأخرج عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة، عن قتادة عن خلاس، عن علي قال: " إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتص منه، واقتص له " انتهى.

                                                                                                                                                                    وهذا مخالف للأول، فظهر من ذلك ما قلنا أنه الظاهر من قضاء ابن الزبير، وعمر - رضي الله عنهما - فإنهما جعلا ذلك التشبير، دليلا على البلوغ بالاحتلام، كما جعل عمر وعثمان - رضي الله عنهما - الإنبات دليلا على البلوغ، وقد ذكر أصحابنا الإنبات في ذكر الكفار واستفدنا عن ابن أبي شيبة أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه اعتبر المشبر لما فيه من الدلالة، وأما قضي علي رضي الله عنه بخمسة أشبار فهو مخالف لما قبله، إلا أن يكون في النسخة خلل، وقد أخرج عن عمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء وإبراهيم وسليمان بن موسى اعتبار بلوغ الاحتلام، وهذا هو المعتمد، والله أعلم. انتهى.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية