الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 165 ] وقوله: قال إنما أوتيته على علم عندي يعني: علم التوراة، وكان - فيما روي - من أقرأ الناس لها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: على علم عندي بوجوه المكاسب.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي: أنه كان يعلم علم الكيمياء.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: قال: لولا رضا الله عني، ومعرفته بفضلي ما أعطاني.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في قوله: ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فخرج على قومه في زينته : قال مجاهد: خرج هو وأصحابه على براذين بيض، عليها سروج أرجوان، وعليهم المعصفر.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: خرجوا على أربعة آلاف دابة، عليهم ثياب حمر، منها ألف بغل أبيض.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جريج: خرج على بغلة شهباء، عليها الأرجوان، ومعه ثلاث مئة جارية على البغال الشهب، عليهن الثياب الحمر.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: خرج في سبعين ألفا، عليهم المعصفرات.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يلقاها إلا الصابرون أي: ولا يلقى هذه الفعلة أو القولة إلا الصابرون.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 166 ] وقوله: ويكأن الله : قال سيبويه: سألت الخليل عن {ويكأن} ، فزعم أن قوله: (وي ) مفصولة من (كأن ) ; والمعنى: أنهم نبهوا، فقيل لهم: أما يشبه أن يكون ذا عندكم هكذا؟ وأنشد سيبويه: [من الخفيف]


                                                                                                                                                                                                                                      وي كأن من يكن له نشب يح بب ومن يفتقر يعش عيش ضر

                                                                                                                                                                                                                                      وقال جماعة من المفسرين: المعنى: ألم تر أن الله؟

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة، ومعمر: أولا تعلم؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: أولا ترون أن الله يبسط الرزق؟

                                                                                                                                                                                                                                      وحكي: أن أعرابية قالت لزوجها: أين ابنك؟ فقال: ويكأنه وراء البيت; أي أما ترين أنه وراء البيت؟

                                                                                                                                                                                                                                      الكسائي: (وي ) : صلة، وفيه معنى التعجب.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قال: (ويك ) ، فوقف على الكاف; فمعناه: اعجب، لأن الله يبسط

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 167 ] الرزق، واعجب لأنه لا يفلح الكافرون، وينبغي أن تكون الكاف حرف خطاب، لا اسما، لأن (وي ) ليست مما يضاف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: تنبيهك بأن الله، فحذف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: ويلك إنه، وأنكره بعض النحويين، وقال: لو كان كذلك، لكان بالكسر، وقال بعضهم: التقدير: ويلك اعلم أنه، فأضمر (اعلم ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومثل مذهب من وقف على (ويك ) قول عنترة: [من الكامل]


                                                                                                                                                                                                                                      ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها     قيل الفوارس ويك عنتر أقدم

                                                                                                                                                                                                                                      وإنما كتبت متصلة، لأنها لما كثر استعمالها; جعلت مع ما بعدها كشيء واحد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد : معنى: فرض عليك القرآن : أنزله، وقيل: المعنى: فرض عليك العمل بما فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى لرادك إلى معاد : إلى الجنة، قاله أبو سعيد الخدري، وابن عباس، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 168 ] وقال له: {لرادك} ; لأنه دخل الجنة ليلة الإسراء، وقيل: لأن أباه آدم خرج منها.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن عباس أيضا، ومجاهد: أن المعنى: لرادك إلى مكة.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن مجاهد أيضا، والزهري، والحسن: أن المعنى: لرادك إلى يوم القيامة، وهو اختيار الزجاج.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كل شيء هالك إلا وجهه : قال الثوري: أي: إلا ما أريد به وجهه.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: معنى إلا وجهه : إلا جاهه، كما يقال: (لفلان وجه في الناس ) ; أي جاه، فالمعنى على هذا: كل شيء هالك إلا الوجه الذي يطلبون به القربة إلى الله والجاه عنده.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معنى إلا وجهه : إلا إياه; كقولك: أكرم الله وجهك; أي: أكرمك الله.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 169 ] [ و (الوجه ) في اللغة يتصرف على وجوه:

                                                                                                                                                                                                                                      منها: الوجه الذي هو الجارحة، ومنها: أول الشيء وصدره، نحو: وجه النهار [آل عمران: 72]، ومنها: القصد والفعل; نحو: وجهت وجهي للذي فطر السماوات [الأنعام: 79]، ومنها الحيلة، نحو: (ما الوجه في كذا؟ ) ، ومنها: المذهب، والجهة، والمنزلة، والقدر; نحو: (لفلان وجه عند الناس ) ، والوجه: الرئيس، ووجه الشيء: نفسه، وذاته].

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية