الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فنبذناه بالعراء وهو سقيم : قال أبو عبيدة: (العراء): وجه الأرض، وهو في اللغة: الفضاء الذي لا يواريه شجر، ولا غيره.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس : نبذ بالعراء وهو كالصبي المنفوس.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنبتنا عليه شجرة من يقطين : قال ابن مسعود و ابن عباس : قرع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد وابن جبير: (اليقطين): كل شجرة لا تقوم على ساق، كـ (الدباء) و (البطيخ) وواحد (اليقطين): يقطينة، واشتقاقها من (قطن بالمكان) إذا أقام به، فهو (يفعيل).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون : قال ابن عباس : أرسل يونس بعد أن التقمه الحوت، قيل: أرسل إلى الأولين، وقيل: أرسل إلى قوم غيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس : معنى أو يزيدون : بل يزيدون، قال: فأرسل إلى مئة ألف [ ص: 456 ] وبضع وثلاثين ألفا.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير: يزيدون سبعين ألفا، وفي خبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يزيدون عشرين ألفا».

                                                                                                                                                                                                                                      ابن قتيبة: {أو} بمعنى الواو، وقيل: هي للإباحة، وقيل: هي للشك، والشك فيه مردود إلى المخاطبين.

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد: المعنى: وأرسلناه إلى جماعة، لو رأيتموهم لقلتم: إنهم مئة ألف أو يزيدون.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في معنى فمتعناهم إلى حين .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم احتج الله تعالى بعد هذه الأقاصيص على كفار قريش في قولهم: إن الملائكة بنات الله -عز وجل- فقال: فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين أي: فأتوا بحجتكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا يعني: قولهم: صاهر الله تعالى [ ص: 457 ] الجن، فولدت له الملائكة، قاله قتادة وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس وغيره: هو قولهم: إبليس أخو الرحمن، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي: {الجنة} ههنا: الملائكة، سموا جنا؛ لأنهم خزان الجنان، وقيل: سموا جنا؛ لاستتارهم عن الأبصار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون أي: ولقد علمت الجنة إن الذين قالوا هذا لمحضرون في العذاب.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : {لمحضرون}: للحساب; يعني: الجن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم أي: لستم تضلون إلا من سبق في علم الله أنه صالي الجحيم، روي معناه عن ابن عباس ، والحسن، وغيرهما، وقيل: إن قوله: {عليه} معناه: به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وما منا إلا له مقام معلوم : قالت عائشة -رضي الله عنها-: [قال النبي -صلى الله عليه وسلم-]: «ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم».

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون : هذا كله من قول الملائكة; [ ص: 458 ] تعظيما لله عز وجل، وإنكارا منهم عبادة من عبدهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين : هذا قول أوائل هذه الأمة قبل أن يبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله قتادة وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      والهاء في فكفروا به : قيل: للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقيل: للقرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنهم لهم المنصورون : قيل: المعنى: منصورون بالحجة والغلبة، عن قتادة والسدي، وقال الفراء: بالسعادة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون : قال قتادة : فسوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار، وقيل: المعنى: فسوف يبصرون العذاب يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين : معنى {بساحتهم}: بدارهم، عن السدي وغيره، و (الساحة) في اللغة: فناء الدار الواسع، واستعملت لنزول العذاب فيها لعظمه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون : وجه التكرير: أنه يراد به [ ص: 459 ] عذابان. فالأول: عذاب الدنيا، والثاني: عذاب الآخرة، روي ذلك عن جماعة من المفسرين: أن (الحين الأول): نصر النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم، والثاني: قيام الساعة، وقد قيل: إن المعنى: أبصر حالهم بقلبك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: سبحان ربك رب العزة عما يصفون : سئل محمد بن سحنون عن معنى رب العزة : لم جاز ذلك، و (العزة) من صفات الذات؟ ولا يقال: (رب القدرة) ونحوها من صفات ذاته عز وجل؟

                                                                                                                                                                                                                                      فقال: {العزة} تكون صفة ذات، وصفة فعل، فصفة الذات نحو قوله: فلله العزة جميعا [فاطر: 10] وصفة الفعل نحو رب العزة والمعنى: رب العزة التي يتعاز بها الخلق فيما بينهم، فهي من خلق الله عز وجل، قال: وقد جاء في التفسير: إن {العزة} ههنا يراد بها: الملائكة، قال: وقال بعض [ ص: 460 ] علمائنا: من حلف بعزة الله; فإن أراد عزته التي هي صفته فحنث; فعليه الكفارة، وإن أراد التي جعلها الله بين العباد فلا كفارة عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وسلام على المرسلين أي: أمن من الله -عز وجل- لهم يوم الفزع الأكبر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية