الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            10232 وعن ميمونة بنت الحارث زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بات عندها في ليلة ، فقام يتوضأ للصلاة ، قالت : فسمعته يقول في متوضئه : " لبيك لبيك " ثلاثا " نصرت نصرت " ثلاثا .

                                                                                            فلما خرج قلت : يا رسول الله ، سمعتك تقول في متوضئك : " لبيك لبيك " ثلاثا " نصرت نصرت " ثلاثا كأنك تكلم إنسانا ، وهل كان معك أحد ؟ قال : " هذا راجز بني كعب يستصرخني ، ويزعم أن قريشا أعانت عليهم بكر بن وائل " .

                                                                                            ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر عائشة أن تجهزه ولا تعلم أحدا ، قالت : فدخل عليها أبو بكر ، فقال : يا بنية ، ما هذا الجهاز ؟ فقالت : والله ما أدري ، فقال : ما هذا بزمان غزوة بني الأصفر ، فأين يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت : والله لا علم لي ، قالت : فأقمنا ثلاثا ، ثم صلى الصبح بالناس ، فسمعت الراجز ينشد :

                                                                                            يا رب إني ناشد محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا     إنا ولدناك فكنت ولدا
                                                                                            ثم أسلمنا فلم ننزع يدا     إن قريشا أخلفوك الموعدا
                                                                                            ونقضوا ميثاقك المؤكدا     وزعموا أن لست تدعو أحدا
                                                                                            فانصر هداك الله نصرا أيدا     وادعوا عباد الله يأتوا مددا
                                                                                            فيهم رسول الله قد تجردا      [ أبيض مثل البدر ينحي صعدا ]
                                                                                            إن سيم خسفا وجهه تربدا

                                                                                            [ ص: 164 ] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لبيك لبيك " ثلاثا " نصرت نصرت " ثلاثا ، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما كان بالروحاء نظر إلى سحاب منتصب ، فقال : " إن هذا السحاب لينصب بنصر بني كعب " .

                                                                                            فقال رجل من بني عدي بن عمرو ، أخو بني كعب بن عمرو : يا رسول الله ، ونصر بني عدي ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " [ ترب نحرك ] وهل عدي إلا كعب ، وكعب إلا عدي ؟ " . فاستشهد ذلك الرجل في ذلك السفر ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم عم عليهم خبرنا حتى نأخذهم بغتة " .

                                                                                            ثم خرج حتى نزل بمر ، وكان أبو سفيان ، وحكيم بن حزام ، وبديل بن ورقاء خرجوا تلك الليلة حتى أشرفوا على مر ، فنظر أبو سفيان إلى النيران فقال : يا بديل ، هذه نار بني كعب أهلك . فقال : جاشتها إليك الحرب .

                                                                                            فأخذتهم مزينة تلك الليلة - وكانت عليهم الحراسة - فسألوا أن يذهبوا بهم إلى العباس بن عبد المطلب ، فذهبوا بهم فسأله أبو سفيان أن يستأذن له من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . فخرج بهم حتى دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله أن يؤمن له من أمن ، فقال : " قد أمنت من أمنت ما خلا أبا سفيان " . فقال : يا رسول الله ، لا تحجر علي . فقال : " من أمنت فهو آمن " .

                                                                                            فذهب بهم العباس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم خرج بهم ، فقال أبو سفيان : إنا نريد أن نذهب ، فقال : " أسفروا " .

                                                                                            وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ، وابتدر المسلمون وضوءه ينتضحونه في وجوههم ، فقال أبو سفيان : يا أبا الفضل ، لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما ، فقال : ليس بملك ولكنها النبوة ، وفي ذلك يرغبون
                                                                                            . رواه الطبراني في الصغير والكبير ، وفيه يحيى بن سليمان بن نضلة وهو ضعيف .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية