الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        المانع الثالث : القتل ، وهو ضربان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : مضمون ، وهو موجب للحرمان ، سواء ضمن بقصاص أو دية أو كفارة كمن رمى صف الكفار ولم يعلم [ فيهم ] مسلما ، فقتل قريبه المسلم ، تجب الكفارة ، ولا دية ، وسواء كان القتل عمدا أو خطأ . وحكى الحناطي قولا أن المخطئ يرث مطلقا ، والمشهور الأول . وسواء كان الخطأ بمباشرة كمن رمى صيدا فأصاب مورثه ، أو بالسبب كمن حفر بئرا عدوانا فسقط فيها مورثه ، أو وضع حجرا في الطريق فتعثر به مورثه . وسواء قصد بالتسبب مصلحته ، كضرب الأب والزوج والمعلم للتأديب ، وكسقيه الدواء وبط جرحه للمعالجة إذا مات به الصبي أو غيره ، أو لا يقصد . وفي بط الجرح وسقي الدواء وجه حكاه ابن اللبان وغيره : أنه لا يمنع . وعن صاحب " التقريب " وجه في مطلق القتل بالتسبب : أنه لا يمنع ، والصحيح الذي عليه الأصحاب الأول . وسواء صدر القتل من مكلف أو غيره ، ويجئ في الصبي وجه يتخرج من القول الذي حكاه الحناطي في المخطئ إذا قلنا : عمد الصبي خطأ . وسواء فيه المكره والمختار ، وفي المكره خلاف ، والمذهب المنع .

                                                                                                                                                                        الضرب الثاني : قتل غير مضمون ، وهو قسمان : مستحق مقصود ، وغيره . والأول نوعان . [ ص: 32 ] أحدهما : ما لا يسوغ تركه . فإذا قتل الإمام مورثه حدا بالرجم ، أو في المحاربة ، ففي منعه أوجه . الثالث : إن ثبت بالبينة ، منع . وإن ثبت بالإقرار فلا لعدم التهمة .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح المنع مطلقا ؛ لأنه قاتل . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        النوع الثاني : ما يسوغ تركه ، كالقصاص ، فيه خلاف مرتب على قتل الإمام حدا ، وأولى بالحرمان . ولو شهد على مورثه بما يوجب الحد أو القصاص ، فقتل بشهادته ، أو شهد على إحصانه ، وشهد غيره بالزنا ، أو زكى الشهود بالزنا على مورثه ، فهو كما إذا قتله قصاصا .

                                                                                                                                                                        القسم الثاني : ما لا يوصف بأنه مستحق مقصود ، كقتل الصائل والباغي ، ففيه خلاف مرتب على القصاص ، وأولى بالحرمان ، والباغي أولى بالحرمان من العادل . والمذهب وظاهر نص الشافعي - رضي الله عنه - في الصور كلها : منع الإرث . قال الروياني : لكن القياس والاختيار : أن ما لا ضمان فيه لا يمنع .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قد يرث المقتول من قاتله ، بأن جرح مورثه ثم مات قبل المجروح .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية