الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 118 ] فصل : وإن أعتق أم ولده ، أو أمته التي كان يصيبها ، أو غيرها ممن تحل له إصابتها ، فله أن يتزوجها في الحال ، من غير استبراء ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { أعتق صفية ، وتزوجها ، وجعل عتقها صداقها } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { ثلاثة يوفون أجرهم مرتين ; رجل كانت له أمة ، فأدبها فأحسن تأديبها ، وعلمها فأحسن تعليمها ، ثم أعتقها وتزوجها } . ولم يذكر استبراء ، ولأن الاستبراء لصيانة مائه وحفظه عن الاختلاط بماء غيره ، ولا يصان ماؤه عن مائه ، ولهذا كان له أن يتزوج مختلعته في عدتها . وقد روي عن أحمد ، في الأمة التي لا يطؤها إذا أعتقها : لا يتزوجها بغير استبراء ; لأنه لو باعها لم تحل للمشتري بغير استبراء .

                                                                                                                                            والصحيح أنه يحل له ذلك ; لأنه يحل له وطؤها بملك اليمين ، فكذلك بالنكاح ، كالتي كان يصيبها ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها ، ولم ينقل أنه كان أصابها ، والحديث الآخر يدل على حلها له بظاهره ، لدخولها في العموم ، ولأنها تحل لمن تزوجها سواه ، فله أولى ، ولأنه لو استبرأها ، ثم أعتقها وتزوجها في الحال ، كان جائزا حسنا ، فكذلك هذه ، فإنه تارك لوطئها ، ولأن وجوب الاستبراء في حق غيره ، إنما كان لصيانة مائه عن الاختلاط بغيره ، ولا يوجد ذلك هاهنا . وكلام أحمد ، محمول على من اشتراها ، ثم تزوجها قبل أن يستبرئها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية