الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6947 ) مسألة ; قال : ( وفي الذكر الدية ) أجمع أهل العلم على أن في الذكر الدية . { وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم : وفي الذكر الدية } . ولأنه عضو واحد فيه الجمال والمنفعة ، فكملت فيه الدية ، كالأنف واللسان ، وفي شلله ديته ; لأنه ذهب بنفعه وأشبه ما لو أشل لسانه . وتجب الدية في ذكر الصغير والكبير ، والشيخ والشاب ، سواء قدر على الجماع أو لم يقدر . فأما ذكر العنين ، فأكثر أهل [ ص: 361 ] العلم على وجوب الدية فيه ; لعموم الحديث ، ولأنه غير مأيوس من جماعه . وهو عضو سليم في نفسه ، فكملت ديته ، كذكر الشيخ .

                                                                                                                                            وذكر القاضي فيه عن أحمد روايتين ; إحداهما ، تجب فيه الدية ; لذلك . والثانية ; لا تكمل ديته . وهو مذهب قتادة ; لأن منفعته الإنزال والإحبال والجماع ، وقد عدم ذلك منه في حال الكمال ، فلم تكمل ديته كالأشل ، وبهذا فارق ذكر الصبي والشيخ . واختلفت الرواية في ذكر الخصي ، فعنه فيه دية كاملة . وهو قول سعيد بن عبد العزيز ، والشافعي وابن المنذر ; للخبر ، ولأن منفعة الذكر الجماع ، وهو باق فيه . والثانية ، لا تجب فيه . وهو قول مالك والثوري ، وأصحاب الرأي وقتادة وإسحاق ; لما ذكرنا في ذكر العنين ، ولأن المقصود منه تحصيل النسل ، ولا يوجد ذلك منه ، فلم تكمل ديته ، كالأشل ، والجماع يذهب في الغالب ; بدليل أن البهائم يذهب جماعها بخصائها ، والفرق بين ذكر العنين ، وذكر الخصي ، أن الجماع في ذكر العنين أبعد منه في ذكر الخصي ، واليأس من الإنزال متحقق في ذكر الخصي دون ذكر العنين .

                                                                                                                                            فعلى قولنا : لا تكمل الدية في ذكر الخصي ; إن قطع الذكر والأنثيين دفعة واحدة ، أو قطع الذكر ، ثم قطع الأنثيين ، لزمته ديتان ، وإن قطع الأنثيين ، ثم قطع الذكر ، لم يلزمه إلا دية واحدة في الأنثيين ، وفي الذكر حكومة ; لأنه ذكر خصي . قال القاضي : ونص أحمد على هذا . وإن قطع نصف الذكر بالطول ، ففيه نصف الدية . ذكره أصحابنا . والأولى أن تجب الدية كاملة لأنه ذهب بمنفعة الجماع به ، فكملت ديته ، كما لو أشله أو كسر صلبه فذهب جماعه .

                                                                                                                                            وإن قطع قطعة منه مما دون الحشفة ، وكان البول يخرج على ما كان عليه ; وجب بقدر القطعة من جميع الذكر من الدية . وإن خرج البول من موضع القطع ، وجب الأكثر من حصة القطعة من الدية ، أو الحكومة . وإن ثقب ذكره فيما دون الحشفة ، فصار البول يخرج من الثقب ، ففيه حكومة ; لذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية