( 8796 ) مسألة ; قال : ويجوز وهذا قول بيع المكاتب ، عطاء ، والنخعي ، والليث . وهو قديم قولي وابن المنذر ، قال : ولا وجه لقول من قال : لا يجوز . وحكى الشافعي ، عن أبو الخطاب ، رواية أخرى ، أنه لا يجوز بيعه . وهو قول أحمد ، مالك وأصحاب الرأي ، والجديد من قولي ; لأنه عقد يمنع استحقاق كسبه ، فيمنع بيعه ، كبيعه وعتقه . وقال الشافعي الزهري ، : يجوز بيعه برضاه ، ولا يجوز إذا لم يرض . وأبو الزناد
وحكي ذلك عن ; لأن أبي يوسف بريرة إنما بيعت برضاها وطلبها ، ولأن لسيده استيفاء منافعه برضاه ، ولا يجوز بغير رضاه ، كذلك بيعه . ولنا ، ما روى عروة ، عن ، أنها قالت : { عائشة بريرة إلي ، فقالت : يا ، إني كاتبت أهلي على تسع أواق ، في كل عام أوقية ، فأعينيني . ولم تكن قضت من كتابتها شيئا ، فقالت لها عائشة ، ونفست فيها : ارجعي إلى أهلك ، إن أحبوا أن أعطيهم ذلك جميعا ، فعلت . فذهبت عائشة بريرة إلى أهلها ، فعرضت عليهم ذلك ، فأبوا ، وقالوا : إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ، ويكون ولاؤك لنا . فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لا يمنعك ذلك منها ، ابتاعي وأعتقي ، إنما الولاء لمن أعتق . فقام رسول الله في الناس ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : ما بال ناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله ، فهو باطل ، وإن كان مائة شرط ، قضاء الله أحق ، وشرطه أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق . عائشة } متفق عليه . جاءت
قال : بيعت ابن المنذر بريرة بعلم النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكاتبة ، ولم ينكر ذلك ، ففي ذلك أبين البيان أن بيعه جائز ، ولا أعلم خبرا يعارضه ، ولا أعلم في شيء من الأخبار دليلا على عجزها . وتأوله على أنها [ ص: 387 ] كانت قد عجزت ، وكان بيعها فسخا لكتابتها . وهذا التأويل بعيد يحتاج إلى دليل في غاية القوة ، وليس في الخبر ما يدل عليه ، بل قولها : أعينيني على كتابتي . دلالة على بقائها على الكتابة ، ولأنها أخبرتها أن نجومها في كل عام أوقية ، فالعجز إنما يكون بمضي عامين عند من لا يرى العجز إلا بحلول نجمين ، أو بمضي عام عند الآخرين ، والظاهر أن شراء الشافعي عائشة لها كان في أول كتابتها ، ولا يصح قياسه على أم الولد ; لأن سبب حريتها مستقر على وجه لا يمكن فسخه بحال ، فأشبه الوقف ، والمكاتب يجوز رده إلى الرق ، وفسخ كتابته إذا عجز ، فافترقا . قال ابن أبي موسى : وهل للسيد أن يبيع المكاتب بأكثر مما عليه ؟ على روايتين .
ولأن المكاتب عبد مملوك لسيده ، لم يتحتم عتقه ، فجاز بيعه ، كالمعلق عتقه بصفة ; والدليل على أنه مملوك ، قول النبي صلى الله عليه وسلم { } . وأن مولاته لا يلزمها أن تحتجب منه ، بدليل قوله عليه السلام : { المكاتب عبد ما بقي عليه درهم } فيدل على أنها لا تحتجب قبل ذلك . وقد روينا في هذا عن إذا كان لإحداكن مكاتب ، فملك ما يؤدي ، فلتحتجب منه نبهان مولى أم سلمة ، أنه قال : قالت لي : يا أم سلمة نبهان ، هل عندك ما تؤدي ؟ قلت : نعم . فأخرجت الحجاب بيني وبينها ، وروت هذا الحديث . قال فقلت : لا والله عندي ما أؤدي ، ولا أنا بمؤد . وإنما سقط الحجاب عنها منه ; لكونه مملوكها ، ولأنه يصح عتقه ، ولا يصح عتق من ليس بمملوك ، ويرجع عند العجز إلى كونه قنا ، ولو صار حرا ، ما عاد إلى الرق ، ويفارق إعتاقه ; لأنه يزيل الرق بالكلية ، وليس بعقد ، وإنما هو إسقاط للملك فيه ، وأما بيعه ، فلا يمنع مالكه بيعه ، وأما البائع ، فلم يبق له فيه ملك ، بخلاف مسألتنا .