الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8083 ) فصل : وإن رقي فوق سطحها ، حنث . وبهذا قال مالك ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . وقال الشافعي : لا يحنث . ولأصحابه فيما إذا كان السطح محجرا وجهان ، واحتجوا بأن السطح يقيها الحر والبرد ، ويحرزها ، فهو كحيطانها .

                                                                                                                                            ولنا ، أن سطح الدار منها ، وحكمه حكمها سواء ، فحنث بدخوله ، كالمحجر ، أو كما لو دخل بين حيطانها ، ودليل ذلك ، أنه يصح الاعتكاف في سطح المسجد ، ويمنع الجنب من اللبث فيه ، ولو حلف ليخرجن من الدار ، فصعد سطحها ، لم يبر ، ولو حلف أن لا يخرج منها ، فصعد سطحها ، لم يحنث ، ولأنه داخل في حدود الدار ، ومملوك لصاحبها ، ويملك بشرائها ، ويخرج من ملك صاحبها ببيعها ، والبائت عليه ، يقال : بات في داره . وبهذا يفارق ما وراء حائطها .

                                                                                                                                            وإن كان في اليمين قرينة لفظية أو حالية تقتضي اختصاص الإرادة بداخل الدار ، مثل أن يكون سطح الدار طريقا ، وسبب يمينه يقتضي ترك صلة أهل الدار ، لم يحنث بالمرور على سطحها ، وكذلك إن نوى بيمينه باطن الدار ، تقيدت يمينه بما نواه ; لأنه ليس للمرء إلا ما نواه .

                                                                                                                                            ( 8084 ) فصل : فإن تعلق بغصن شجرة في الدار ، لم يحنث . وإن صعد حتى صار في مقابلة سطحها بين حيطانها ، حنث . وإن لم ينزل بين حيطانها ، احتمل أن يحنث ; لأنه في هوائها ، وهواؤها ملك لصاحبها ، فأشبه ما لو قام على سطحها ، واحتمل أن لا يحنث ; لأنه لا يسمى داخلا ، ولا هو على شيء من أجزائها ، وكذلك إن كانت الشجرة في غير الدار ، فتعلق بفرع ماد على الدار في مقابلة سطحها . وإن قام على حائط الدار ، احتمل وجهين ; أحدهما إنه يحنث . وهو قول أبي ثور ، وأصحاب الرأي ; لأنه داخل في حدها ، فأشبه القائم على سطحها .

                                                                                                                                            والثاني ، لا يحنث ; لأنه [ ص: 30 ] لا يسمى دخولا . وإن قام في طبق الباب فكذلك ; لأنه بمنزلة حائطها . وقال القاضي : إذا قام على العتبة ، لم يحنث ; لأن الباب إذا أغلق حصل خارجا منها ، ولا يسمى داخلا فيها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية