الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8815 ) فصل : فإن ادعى العبد أنه دفع المائة إلى أحدهما ، ليدفع إلى شريكه حقه ، ويأخذ الباقي ، وأنكر المدعى عليه ، حلف ، وبرئ . وإذا قال : إنما دفعت إلي حقي ، وإلى شريكي حقه . ولا بينة للعبد ، فالقول قول المدعى عليه ، في أنه لم يقبض إلا قدر حقه مع يمينه ، ولا نزاع بين العبد وبين الآخر ; لأنه لم يدع عليه شيئا ، وله مطالبة العبد بجميع حقه ، وله مطالبته بنصفه ، ومطالبة القابض بنصف ما قبضه ; فإن اختار مطالبة العبد ، فله القبض منه بغير يمين ، وإن اختار الرجوع على شريكه بنصفه ، فللشريك عليه اليمين أنه لم يقبض من المكاتب شيئا ; لأنه لو أقر بذلك ، لسقط حقه من الرجوع ، فإذا أنكره ، لزمته اليمين .

                                                                                                                                            فإن شهد القابض على شريكه بالقبض ، لم تقبل شهادته لمعنيين ; أحدهما ، أن المكاتب لم يدع عليه شيئا ، وإنما تقبل البينة إذا شهدت بصدق المدعي . والثاني ، أنه يدفع عن نفسه مغرما ، فإن عجز العبد ، فلغير القابض أن يسترق نصفه ، ويقوم عليه نصيب شريكه ; لأن العبد معترف برقه ، غير مدع لحرية هذا النصيب ، بخلاف التي قبلها . ويحتمل أن لا تقوم أيضا ; لأن القابض يدعي حرية جميعه ، والمنكر يدعي ما يوجب رق جميعه ، فإنهما يقولان : ما قبضه قبضه بغير حق ، فلا يعتق حتى يسلم إلي مثل ما سلم إليه . فإذا كان أحدهما يدعي رق جميعه ، والآخر يدعي حرية جميعه اتفقا على حرية البعض دون البعض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية