الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  695 116 - حدثنا موسى، قال: حدثنا ثابت بن يزيد، قال: حدثنا عاصم، عن الشعبي، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قمت ليلة أصلي عن يسار النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بيدي أو بعضدي حتى أقامني عن يمينه، وقال بيده من ورائي.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في حق الإمام ظاهرة، وأما في جهة المسجد فكذلك؛ لأن المأموم إذا كان عن يمين إمامه كان في ميمنة المسجد بلا نزاع، ولا يرد الاستشكال فيه من جهة أن هذا الحديث إنما ورد فيما إذا كان المأموم واحدا، وأما إذا كثر فلا دليل فيه على فضيلة ميمنة المسجد؛ لأنا نقول: إن البخاري إنما وضع الترجمة على طبق ما في الحديث، وهو ما ذكرناه أن ميمنة المسجد والإمام هي مكان المأموم إذا كان وحده.

                                                                                                                                                                                  وأما الذي يدل على فضيلة ميمنة المسجد والإمام فحديث البراء ، أخرجه النسائي بإسناد صحيح قال: " كنا إذا صلينا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - أحببنا أن نكون عن يمينه "، (فإن قلت): روى ابن ماجه : " عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم: إن ميسرة المسجد تعطلت، فقال: من عمر ميسرة المسجد كتب له كفلان من الأجر ".

                                                                                                                                                                                  (قلت): في إسناده مقال، ولئن سلمنا صحته فلا يعارض حديث البراء؛ لأن ما ورد لمعنى عارض يزول بزواله.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم خمسة: الأول: موسى بن إسماعيل التبوذكي .

                                                                                                                                                                                  الثاني: ثابت بالثاء المثلثة في أوله ابن زيد، ويقال: ابن يزيد، والأول أصح، ويكنى أبا زيد الأحول البصري .

                                                                                                                                                                                  الثالث: عاصم بن سليمان الأحول أبو عبد الرحمن البصري .

                                                                                                                                                                                  الرابع: الشعبي وهو عامر بن شراحيل أبو عمرو الكوفي .

                                                                                                                                                                                  الخامس: عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه القول في ثلاثة مواضع، وفيه رواية من يلقب بالأحول عن الأحول، وفيه أن رواته ما بين كوفي واحد وهو الشعبي وثلاثة بصريين.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه ابن ماجه، عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، عن عبد الواحد بن زياد، عن عاصم عنه به.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أو بعضدي " شك من الراوي، وقال الكرماني : الشك من ابن عباس (قلت): يحتمل أن يكون من غيره، ووجه الجمع بين قوله: " فأخذ بيدي "، وبين قوله في باب إذا أم الرجل فأخذ برأسي كون القضية متعددة، وإلا فوجهه أن يقال: أخذ أولا برأسه، ثم بيده، أو بعضده، أو بالعكس.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فقال بيده ": أي أشار بها، أو تناول، ويدل عليه رواية الإسماعيلي فأخذ بيدي. قوله: " من ورائي "، وفي رواية الكشميهني من ورائه: أي من وراء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا أوجه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية