الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  517 19 - (حدثنا محمد؛ يعني: ابن مقاتل، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا خالد بن عبد الرحمن، قال: حدثني غالب القطان، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أنس بن مالك، قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالظهائر فسجدنا على ثيابنا اتقاء الحر).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن صلاتهم خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بالظهائر تدل على أنهم كانوا يصلون الظهر في أول وقته، وهو وقت اشتداد الحر عند زوال الشمس، كما مر في أول الباب، عن جابر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالهاجرة ولا يعارض هذا حديث الأمر بالإبراد؛ لأن هذا لبيان الجواز، وحديث الأمر بالإبراد لبيان الفضل.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم ستة: الأول محمد بن مقاتل بضم الميم أبو الحسن المروزي. الثاني عبد الله بن المبارك الحنظلي المروزي. الثالث خالد بن عبد الرحمن بن بكير السلمي البصري. الرابع غالب بالغين المعجمة ابن خطاف المشهور بابن أبي غيلان بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف القطان، تقدم في باب السجود على الثوب. الخامس بكر بن عبد الله المزني تقدم في باب عرق الجنب. السادس أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد وبصيغة الإفراد بصيغة الماضي في موضع واحد، وفيه الإخبار بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه محمد بن مقاتل من أفراد البخاري، ووقع للأصيلي وغيره، حدثنا محمد من غير نسبة، وفي رواية أبي ذر حدثنا محمد بن مقاتل بنسبته إلى أبيه، وفيه وقع خالد بن عبد الرحمن على هذه الصورة، وهو السلمي واسم جده بكير، كما ذكرناه، وفي طبقته خالد بن عبد الرحمن الخراساني نزيل دمشق، وخالد [ ص: 30 ] بن عبد الرحمن الكوفي العبدي ولم يخرج لهما البخاري شيئا، وأما خالد السلمي المذكور هنا، فليس له ذكر في هذا الكتاب إلا في هذا الموضع، وهو من أفراد البخاري، وفيه أن راوييه مروزيان، والبقية بصريون.

                                                                                                                                                                                  (ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في الصلاة، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك ومسدد فرقهما، كلاهما عن بشر بن المفضل، وأخرجه مسلم فيه، عن يحيى بن يحيى، وأخرجه أبو داود فيه، عن أحمد بن حنبل، وأخرجه الترمذي فيه، عن أحمد بن محمد، عن ابن المبارك، وأخرجه النسائي فيه، عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، وأخرجه ابن ماجه فيه، عن إسحاق بن إبراهيم، عن بشر بن المفضل.

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه. قوله: (بالظهائر) جمع ظهيرة وهي الهاجرة وأراد بها الظهر، وجمعها نظرا إلى ظهر الأيام. قوله: (سجدنا على ثيابنا) كذا في رواية أبي ذر والأكثرين، وفي رواية كريمة : (فسجدنا) بالفاء العاطفة على مقدر نحو فرشنا الثياب فسجدنا عليها. قوله: (اتقاء الحر)؛ أي: لأجل اتقاء الحر وانتصابه على التعليل، والاتقاء مصدر من اتقى يتقي، وأصله اوتقى؛ لأنه من وقي فنقل إلى باب الافتعال، ثم قلبت الواو تاء وأدغمت التاء في التاء فصار اتقى، وأصل الاتقاء الاوتقاء ففعل به ما فعل بفعله.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : والاتقاء مشتق من الوقاية؛ أي: وقاية لأنفسنا من الحر؛ أي: احترازا منه، (قلت): المصدر يشتق منه الإفعال ولا يقال له مشتق؛ لأنه موضع صدور الفعل، كما تقرر في موضعه، وقد ذكرنا ما يتعلق بالأحكام التي فيه في باب السجود على الثوب في شدة الحر.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية