الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
المبحث الثالث: الهدف التربوي عند ابن باديس

قبل الدخول في تفاصيل الهدف التربوي عند ابن باديس ومعرفة الأولويات التي راعاها في ذلك، نذكر بأن الأمة الجزائرية في تلك الفترة كانت مهددة بخطر افتقاد الهوية الذاتية، بضياع شخصيتها وذوبانها في شخصية الأمة الفرنسية المسيحية، فالاستعمار بذل قصارى جهده لتفريغ هـذا الشعب من مضمونه الإسلامي، وجعله مسخا تابعا له.

في ظل تلك الظروف القائمة، خاض ابن باديس معركته التربوية الرائدة، التي كان من أهدافها التصدي لتلك الحملة الشرسة.

وضع ابن باديس برامجه التربوية لإعداد المتعلمين لحياة تلائم البيئة التي يعيشون فيها، أخذا في الاعتبار ما ينبغي أن يحدث من تغيير في المجتمع، لاسترجاع الحرية والكرامة المسلوبتين.

الهدف التربوي كما يراه ابن باديس

بين ابن باديس الهدف التربوي الذي يسعى لتحقيقه بأنه: (الرجوع (بالشعب) إلى عقائد الإسلام المبنية على العلم، وفضائله المبنية على القوة والرحمة، وأحكامه المبنية على العدل والإحسان، ونظمه المبنية على التعاون بين الأفراد والجماعات، والتآلف والتعامل والتعاون، وأن لا فضل لأحد على أحد إلا بتقوى الله، ومن اتقى الله فهو أنفع الخلق لعباد الله) [1] .. فالتربية عند ابن باديس تهدف إلى: [ ص: 184 ]

- تحقيق العبودية الخالصة لله، في الحياة الفردية والجماعية، وذلك بتعلم الإسلام من مصادره الأصيلة.

- تكوين المواطن المؤمن المتميز عن المستعمر المغتصب في جميع جوانب حياته، وبالتالي إحداث التميز الاجتماعي للأمة الجزائرية، التي أرادت فرنسا احتواءها وابتلاعها.

- ربط الأجيال بالتراث والحضارة العربيـة الإسلاميـة، وهـو ما يسميه بعض العلماء بوظيفة: (نقـل التـراث) أو (إحيـاء التـراث) .. ويؤكـد ابن باديس أن هـدفه التربوي هـو:

- ترقيـة المجتمـع الجزائـري في (جميـع نواحـي الحيـاة إلى أقصـى ما تترقى إليه الأمم، ليكونوا محترمين من أنفسهم ومن غيرهم، يفيدون ويستفيدون، ويعرفون كيف يسوسون وكيف يساسون، فتربح بهم الإنسانية عضوا من خير من عرفت من أعضائها) [2] .

فـإذا مـا تحقـق للشعب الاستعـداد الداخلـي للتغييـر، أو بعبـارة أخـرى: التخلص من القابلية للاستعمار [3] ، مصداقا لقول الله تعالى: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) (الرعد:11) ، أمكنه الرقي في جميع جوانب الحياة، وذلك بتزويد المتعلمين بالقدر المناسب من المعلومات والخبرات المختلفة، فيساهموا في بناء صرح الأمة وخدمتها والدفاع عنها. [ ص: 185 ]

ويمكن تلخيص الهدف التربوي عند ابن باديس بأنه:

1- إحداث التغيير الداخلي في الفرد الجزائري، بإرجاعه إلى دينه وتعلمه من مصادره الأصيلة، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، خاليا من البدع والشوائب، ليحافظ على شخصيته العربية والإسلامية.

2- تأهيله لتسلق درجات الرقي الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، والوصول إلى مصاف الشعوب الراقية، فيسعد في الدنيا والآخرة.

التالي السابق


الخدمات العلمية