الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر أعمال الملائكة

جمهور الملائكة مشغولون بالتعبد ، كما قال الله عز وجل: يسبحون الليل والنهار لا يفترون . فمنهم قيام في التعبد ، ومنهم ركوع ومنهم سجود ، وكل من رتب لعبادة فهو مقيم عليها إلى يوم القيامة .

أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا ابن المذهب ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني أبي ، حدثنا أسود ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن مورق ، عن أبي ذر ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني أرى ما لا ترون وأسمع

[ ص: 193 ]

ما لا تسمعون ، أطت السماء وحق لها أن تئط فما فيها موضع أربع - يعني أصابع - إلا عليه ملك ساجد ، ومن الملائكة موكل بعمل فمنهم حملة العرش قد وكلوا لحمله ، جبريل هو صاحب الوحي والغلظة ، فهو ينزل بالوحي ويتولى إهلاك المكذبين ، وميكائيل صاحب الرزق والرحمة وإسرافيل صاحب اللوح والصور ، وعزرائيل قابض الأرواح وله أعوان وهؤلاء الأربعة هم المقسمات أمرا . ومنهم كتاب على بني آدم ، وهم المعقبات ملكان في الليل وملكان في النهار"
.

أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا ابن المذهب ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد . قال: حدثني أبي ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر بن همام ، عن أبي هريرة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أنه قال: " والملائكة يتعاقبون فيكم ، ملائكة الليل وملائكة النهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ، وهو أعلم: كيف تركتم عبادي؟ فقالوا: تركناهم وهم يصلون" . أخرجاه في الصحيحين .

روى أبو أمامة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أنه كان كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يساره ، وكاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات ، فإذا عمل حسنة كتبها له صاحب اليمين عشرا ، وإذا عمل سيئة فأراد صاحب الشمال أن يكتبها ، قال صاحب اليمين : أمسك فيمسك عنه سبع ساعات ، فإن استغفر منها لم تكتب وإن لم يستغفر كتبت عليه سيئة" .

وفي حديث علي عليه السلام إن مقعد الملكين على الثنيتين . وقال الحسن : إن مجلسيهما تحت الشعر على الحنك .

ومن الملائكة من قد وكل بالشمس ومنهم موكل بالقطر ، والرعد صوت ملك يزجر [ ص: 194 ] والسحاب والبرق ضربه إياه بمخاريق ، ومنهم موكل بالرياح والأشجار .

روى مجاهد ، عن ابن عباس ، قال: ليس أحد من خلق الله أكثر من الملائكة ليس من شجرة إلا معها موكل بها .

ومنهم ملكان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقا مالا خلفا ، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا . وملكان يقول أحدهما: يا باغي الخير أبشر ، ويقول الآخر: يا باغي الشر أقصر .

ومنهم ملائكة سياحون في الأرض يتبعون مجالس الذكر ، وملائكة يبلغون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أمته السلام . وملائكة موكلون بمكة والمدينة ليمنعوا عنها الدجال إذا خرج .

ومن الملائكة من هو مشغول بغرس شجر الجنة .

قال الحسن : إن أحدهم ليفتر ، فيقال له: ما لك؟ فيقول: فتر صاحبي من العمل .

وكان الحسن يقول: أمدوهم رحمكم الله .

ومنهم موكل بصياغة حلي الجنة .

روى شمر بن عطية ، عن كعب ، قال: إن في الجنة ملكا يصوغ حلية أهل الجنة منذ خلق إلى أن تقوم الساعة ، لو شئت أن أسميه لسميته ، ولو أن قلبا منها خرج لرد شعاع الشمس .

قال مؤلف الكتاب: فلو ذهبنا نكتب كل شيء من هذا طال ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية