الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سبب رفع عيسى عليه السلام إلى السماء

قال وهب بن منبه : أتى عيسى عليه السلام ومعه سبعة عشر من الحواريين في بيت فأحاطوا بهم ، فقال عيسى عليه السلام : من يشتري نفسه منكم بالجنة ؟ فقال رجل: أنا ، فأخذوه فقتلوه .

وروى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن عيسى عليه السلام قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب فقال: أنا . فألقي عليه شبهه ورفع عيسى ، فقتلوه .

قال بعض العلماء: واسم هذا الرجل يشوع بن قديرا .

وروى أبو صالح ، عن ابن عباس : أن عيسى عليه السلام دخل خوخة ، فدخل وراءه رجل من اليهود ، فألقي عليه شبه عيسى ، فقتلوه وصلبوه .

قال وهب : رفع الله عيسى عليه السلام لثلاث ساعات من النهار ، وكساه الله الريش ، وألبسه النور ، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب ، فأصبح ملكيا إنسيا ، سمائيا أرضيا . [ ص: 38 ]

وقال أبو الحسن بن البراء العبدي : رفع عيسى ليلة القدر ، وترك خفين ومدرعة ، وحذافة يحذف بها الطير ، وكان عمره ثلاثا وثلاثين سنة وأشهرا .

وقال سعيد بن المسيب : رفع الله عيسى وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة .

وقال مؤلف الكتاب: وقد ذكرنا أنه أوحى الله عز وجل إليه بعد الثلاثين ، فبقي يوحى إليه ثلاث سنين ، ثم انقطع الوحي بعده ، ووقعت الفترة إلى أن بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

وقد قيل: بل بعث بينهما أربعة من الرسل ، ثلاثة منهم مذكورون في قوله تعالى: إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث . والرابع: خالد بن سنان العبسي .

وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر عيسى ، فقال: " ليس بيني وبينه نبي " .

وظاهر هذا يمنع وجود نبي بينهما . ومن الممكن أن يتأول ، فيقال: لا نبي يغير حكما ، فإن عيسى أحل وحرم ، ومن بعث بعده دعى إلى دينه ولم يغير . والله أعلم .

قال علماء التاريخ: ومن هبوط آدم عليه السلام إلى أن رفع المسيح إلى السماء خمسة آلاف وخمسمائة واثنتان وثلاثون سنة .

[ ص: 39 ] ذكر حال عيسى عليه السلام عند نزوله من السماء

روى أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه ذكر عيسى ، فقال: " إنه نازل يدق الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال ، ويقاتل الناس على الإسلام ، فيهلك الله تعالى في زمانه مسيح الضلالة الدجال الكذاب ، ويقع الأمن في الأرض حتى يرعى الأسد مع الإبل ، والنمر مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيات ، لا يضرهم شيئا ، فيمكث في الأرض أربعين سنه ، ثم يتوفى ويصلي عليه المؤمنون " .

وروى النواس بن سمعان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ينزل عيسى على المنارة البيضاء شرقي دمشق " .

وقال عبد الله بن سلام : " مكتوب في التوراة صفة محمد يدفن معه عيسى ابن مريم عليهما السلام " .

أنبأنا أبو القاسم: هبة الله بن أحمد الحريري ، عن أبي طالب: محمد بن علي بن الفتح العشاري ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن ميمي ، قال: حدثنا أبو علي بن صفوان ، قال: أخبرنا عبد الله بن عبيد الله بن مهدي ، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن ، قال: أخبرنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي ، عن عبد الله بن زيد أبي عبد الرحمن الجيلي ، عن عبد الله بن عمر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام إلى الأرض فيتزوج ويولد له ، ويمكث خمسا وأربعين سنة ، ثم يموت فيدفن معي في قبري ، فأقوم أنا وعيسى ابن مريم من قبر واحد بين أبي بكر وعمر " .

التالي السابق


الخدمات العلمية