الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن محمد بن المنكدر ) تابعي جليل القدر في العلم والعمل مستجاب الدعوة ( عن جابر قال : جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : لعيادتي ( ليس براكب بغل ولا برذون ) بكسر موحدة وسكون راء وفتح ذال معجمة ، وهو الفرس الأعجمي ، وهو أصبر من العربي ، ومجيئه - صلى الله عليه وسلم - بدونهما دليل على تواضعه وإرادة كمال أجره هذا .

وقد قال صاحب الصحاح : البرذون الدابة ، وقال صاحب المغرب : البرذون التركي من الخيل ، والجمع : البراذين وخلافها العراب ، والأنثى برذونة ، قال ميرك : ولعل معنى الحديث أن الركوب على البغل والبرذون لم يكن من العادة المستمرة له - صلى الله عليه وسلم - وقال الحنفي : على الأول من قبيل عطف العام على الخاص ، فالمعنى ما جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس براكب دابة أصلا ، وعلى الثاني فالظاهر أنه جاء راكبا لكنه ليس [ ص: 184 ] براكب بغل ولا فرس ، أقول الصواب أن المراد به أنه كان ماشيا طالبا لمزيد الثواب وتواضعا لرب الأرباب وتجنبا للخلوب من الأصحاب ويدل عليه رواية البخاري من طريق عبد الله بن محمد عن سفيان بهذا الإسناد : مرضت مرضا فأتاني النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأبو بكر وهما ماشيان فوجداني غمي علي فتوضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صب وضوءه علي قال : فأفقت الحديث قال ميرك : وهذه الرواية صريحة في أنه - صلى الله عليه وسلم - جاء لعيادته ماشيا ، وفيها إبطال ما توهمه بعض المتحدثين من أنه راكب لكنه ليس براكب بغل ولا برذون بناء على تفسير صاحب المغرب ، وغفل عن أن الكلام خرج مخرج الغالب وأن خصوصية البغل والبرذون ليس بمراد انتهى ، وهو ظاهر ؛ لأنه إن أراد ركوب غيرهما لبينه بقوله جاء راكبا على حمار أو ناقة مثلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية