الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا روح بن أسلم ) بفتح وسكون واو ، ثم حاء مهملة ( أبو حاتم ) بكسر التاء ( البصري ) بالفتح ، ويجوز كسره ( حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا ثابت عن أنس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد أخفت في الله ) ماض مجهول من أخاف بمعنى خوف ( وما يخاف ) بضم أوله ، أي : والحال أنه لا يخاف ( أحد غيري ) لأني كنت وحيدا في ابتداء إظهار ديني ، والمعنى وما يخاف مثل ما أخفت ، وكذا الكلام في قوله ( ولقد أوذيت في الله ) أي : في دينه ( وما يؤذى أحد ) أي : ولم يكن معي أحد يوافقني في تحمل أذية الكفار حينئذ ( ولقد أتت ) أي : مرت ومضت ( علي ثلاثون من بين ليلة ويوم ) قال الطيبي : تأكيد للشمول أي : ثلاثون يوما وليلة متواليات لا ينقص منها شيء ، نقله ميرك وتبعه ابن حجر ، وقال الحنفي : فيه تأمل ، قلت الظاهر أن من تمييز لثلاثين يبين أن العدد نصف شهر لا شهر كامل ( ما لي ) وفي نسخة وما لي بالواو ، وجعله العصام أصلا ، وقال في بعض النسخ بدون [ ص: 247 ] واو ، كأنه رأى أن وجود الواو ظهر في إرادة المعنى الحالية ، والحال أنه ليس لي ( ولبلال طعام يأكله ) أي : على وجه الشبع ( ذو كبد ) أي : حيوان ، وفيه إشارة إلى قلته ( إلا شيء ) أي : قليل جدا ( يواريه ) أي : يستره ( إبط بلال ) فكنى بالواردة تحت الإبط عن الشيء اليسير وعن عدم ما يجعل من ظرف وشبهه من منديل ونحوه ، وتوضيحه ما قاله المظهر : يعني وكان بعض الأوقات تمر علي ثلاثون يوما وليلة ، ولم يكن لي طعام وكسوة ، وكان في ذلك الوقت بلال رفيقي ، وما لنا شيء من الطعام إلا شيء يسير قليل بقدر ما يأخذه بلال تحت إبطه ، ولم يكن لنا ظرف نضع الطعام فيه ، واعلم أني رأيت بخط ميرك عن السيد أصيل الدين قدس سره أنه قال سمعت من لفظ الشيخ سكون الباء في إبط ، وما سمعنا بكسر الباء ، ويقولون بها أهل هذه البلدة ، وهو غلط فاحش انتهى ، وهو محمول على المخالفة في الرواية ، وإلا فقد جاء الكسر أيضا في اللغة فقال الجوهري : الإبط بكسر الهمزة وسكون الباء الموحدة ، وكسرها ما تحت الجناح يذكر ويؤنث والجمع آباط ، وفي القاموس : الإبط باطن المنكب وبكسر الباء ، وقد يؤنث هذا ، والحديث أخرجه المصنف في جامعه أيضا ، وقال : معنى هذا الحديث حين خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - هاربا من مكة ومعه بلال ، إنما كان مع بلال من الطعام ما يحمله تحت إبطه .

التالي السابق


الخدمات العلمية