الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الأسود بن قيس عن جندب ) بضم جيم ، ودال ويفتح ( بن سفيان البجلي ) بفتحتين أبوه عبد الله ، ونسب إلى جده سفيان ( قال أصاب حجر : إصبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) بكسر همزة ، وفتح باء وفي القاموس أنه مثلث الهمزة والباء ( فدميت ) بفتح الدال وكسر الميم ، ففي أساس البلاغة دميت يده ، وأدميتها أنا أو دميتها ، قالميرك : وقع في رواية البخاري من طريق أبي عوانة عن الأسود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في بعض المشاهد ، فدميت إصبعه إلخ قال الكرماني : قيل كان ذلك في غزوة أحد .

وفي صحيح مسلم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في غار ; فدميت إصبعه قال القاضي عياض : قال أبو الوليد الباجي : لعله غازيا فتصحف كما قال في الرواية الأخرى في بعض المشاهد ، وكما جاء في رواية البخاري يعني في كتاب الأدب .

بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشي إذ أصابه حجر ; فدميت إصبعه قال القاضي عياض : وقد يراد بالغار الجيش والجمع ، لا الغار الذي هو الكهف ليوافق رواية بعض المشاهد .

ومنه قول علي كرم الله وجهه ما ظنك بامرئ جمع بين هذين الغارين أي : العسكرين .

وقال العسقلاني : وقع في رواية شعبة عن الأسود : خرج إلى الصلاة ، أخرجه الطيالسي قلت أما القول بالتصحيف ; فلا يخلو عن نوع من التحريف ; فإنه لا يصح لفظا ، ولا معنى ومثل هذا الطعن لا يجوز في حديث مسلم أما اللفظ فظاهر وهو زيادة ياء ، وأما معنى فلأنه لا يقال كان في غار ، مع أن رواية البخاري : بينما يمشي ، لا تنافي كونه أولا في الغار ، وكذا في رواية : خرج إلى الصلاة ، وأما قول علي رضي الله عنه ، فالظاهر أنه أراد به المعنى المجازي ; فإن جيش كل أمير بمنزلة كهفه المتقوي به الملتجئ إليه ، فالتحقيق أنه كان في غار من جبل أحد أو كهف في بعض أماكنه يحترس فيه من الأعداء كما يدل عليه صعوده ، وظهوره بمعاونة طلحة يحمله على ظهره على أنه لا مانع من الحمل على تعدد [ ص: 44 ] الواقعة وهو لا شك أنه أحسن من الطعن في الرواية الصحيحة بل كالمتعين للدلالات الصريحة ، ولبعض الشراح هنا كلمات متناقضات أعرضنا عن ذكرها حيث يشغل البال فكرها ( فقال : هل أنت ) يجوز قراءته بالتحقيق ، والنقل وهو استفهام معناه النفي أي : ما أنت ( إلا إصبع دميت ) بفتح الدال ، وكسر الميم ، وإشباع التاء وهو صفة لإصبع ، والمستثنى منه أعم ، عام الصفة أي : ما أنت إلا إصبع موصوفة بشيء إلا بأن دميت ، وقيل بضمير الغائبة في دميت ، ولقيت وعليه ; فهو ليس بشعر أصلا لكن المشهور بل الصواب الرواية الأولى كأنها لما توجعت خاطبها مملئا على سبيل الاستعارة ، والتشبيه مسليا أي : تسلي فإنك ما ابتليت بشيء من الهلاك ، والقطع والجرح سوى أنك دميت ، ومع هذا لم يكن دمك هدرا بل كان ذلك في سبيل الله له قدرا ، وهذا هو المراد بقوله ( وفي سبيل الله ما لقيت ) والواو للعطف أو الحال ، وهو الأظهر ، وما موصولة مبتدأ وفي سبيل الله خبره أي : الذي لقيته حاصل في سبيل الله ; فلا تبالي بل افرحي ; فإن محنتها قليلة ، ومنحتها جزيلة ; فهي صبغة وسيمة وصنعة جسيمة .


وقضية كسر ليلى قدح المجنون شهيرة .

وأمثالها في سير المحب ، والمحبوب كثيرة .



قال الخطابي : اختلف الناس في هذا ، وما أشبهه بالرجز الذي جرى على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره وأوقاته ، وفي تأويل ذلك مع شهادة الله تعالى بأنه لم يعلمه الشعر ، وما ينبغي له ; فذهب بعضهم إلى أن الرجز ليس بشعر ، فذهب بعضهم إلى أن هذا ، وما أشبهه وإن استوى على وزن الشعر ; فإنه لم يقصد به الشعر إذا لم يكن صدوره عن نية له وروية فيه ، وإنما هو اتفاق كلام يقع أحيانا فيخرج منه الشيء بعد الشيء على بعض أعاريض الشعر ، وقد وجد في كتاب الله العزيز من هذا القبيل ، وهذا مما لا يشك فيه أنه ليس بشعر ، وقال بعضهم : معنى قول الله تعالى وما علمناه الشعر وما ينبغي له الرد على المشركين في قولهم بل افتراه بل هو شاعر ، والبيت الواحد من الشعر لا يلزمه هذا الاسم ; فيخالف معنى الآية .

هذا مع قوله إن من الشعر لحكمة ، وإنما الشاعر هو الذي يقصد الشعر ، ويشببه ويصفيه ، ويمدحه ويتصرف تصرف الشعراء في هذه الأفانين وقد برأ الله رسوله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، وصان قدره عنه ، وأخبر أن الشعر لا ينبغي ، وإذا كان مراد الآية هذا المعنى لم يضر أن يجري على لسانه الشيء اليسير منه ، فلا يلزمه الاسم المنفي عنه .

[ ص: 45 ] ( حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس عن جندب بن عبد الله ) أي : ابن سفيان البجلي ( نحوه ) أي : بمعناه دون لفظه .

التالي السابق


الخدمات العلمية