الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن ) ( أهلك بائع صبرة ) من مثلي بيعت ( على الكيل ) ، أو الوزن ، أو العد ككل صاع ، أو كل رطل بكذا ( فالمثل ) يلزمه ( تحريا ليوفيه ) للمشتري ( ولا خيار لك ) يا مشتري في رد البيع ، أو التماسك وأخذ القيمة ، ولو مع رضا البائع لما فيه من بيع الطعام قبل قبضه ; لأنه لما وجب له المثل باعه قبل أن يقبضه ( أو ) أهلكها ( أجنبي فالقيمة ) يوم التلف ( إن جهلت المكيلة ) ، وإلا فمثلها ( ثم ) إذا غرم القيمة للبائع ( اشترى ) بها ( البائع ما يوفي ) قدر تحري ما فيها من الصيعان ( فإن فضل ) شيء من القيمة لحصول رخص ( فللبائع ) إذ لا ظلم على المشتري إذا أخذ مثل ما اشترى ( وإن نقص ) ما اشتراه بالقيمة عن قدر تحري ما فيها من الصيعان لحصول غلاء ( فكالاستحقاق ) ، فإن كثر النقص عن الثلث فأكثر فللمشتري الفسخ والتماسك بما يخص من الثمن ، وإن نقص عن الثلث سقط عنه حصته من الثمن ( وجاز ) لمشتر وموهوب شيئا ( البيع قبل القبض ) من البائع والواهب ( إلا مطلق طعام المعاوضة ) أي الذي [ ص: 152 ] في مقابلة شيء وأراد بمطلقه ربويا كقمح أو لا كتفاح فلا يجوز بيعه قبل قبضه . .

التالي السابق


( قوله ، وإن أهلك بائع إلخ ) أي عمدا ، أو خطأ ، وأما لو أهلك المشتري الطعام المجهول قبل كيله فذكر ابن الحاجب أن إتلاف المشتري له كإتلاف الأجنبي يوجب القيمة للبائع لا المثل ، وهو تابع في ذلك لابن بشير وفصل المازري فجعل هذا أي لزوم القيمة في الأجنبي فقط ، وأما المشتري فيعد إتلافه قبضا ; لما يتحرى فيه من المكيلة فيلزمه ثمنه والذي في ابن عرفة نقلا عن اللخمي أن المذهب أنه إن أتلف طعاما ابتاعه على الكيل قبل كيله وعرف كيله فهو قبض له ، وإن لم يعرف كيله فالقدر الذي يقال إنه كان فيها إن كيل يغرم ثمنه ومثله المازري انظر بن ( قوله فالمثل يلزمه ) أي فيلزم البائع أن يأتي بصبرة مثلها ليوفي للمشتري منها حقه ( قوله ، أو أجنبي ) أي أو أهلكها أجنبي عمدا ، أو خطأ فالقيمة أي فيلزمه أن يدفع قيمتها للبائع ( قوله ، وإلا فمثلها ) أي فيلزمه أن يدفع صبرة مثلها في الكيل للبائع ( قوله ، وإن نقص فكالاستحقاق ) قال ابن عرفة قال التونسي ، فإن لم يوجد المتعدي لكان للمبتاع المخاصمة في فسخ البيع عنه لضرره بتأخره لوجود المتعدي ا هـ . المازري ، وكذا لو كان المتعدي معسرا لكان للمبتاع الفسخ ، أو انتظار اليسر فلو تطوع البائع بما لزم المتعدي ارتفع خيار المشتري ا هـ . بن ( قوله سقط عنه حصته من الثمن ) أي ووجب التماسك بالقدر الذي اشترى بالقيمة بحصته من الثمن ولا غرم على البائع ( قوله شيئا ) تنازعه مشتر وموهوب سواء كان ذلك الشيء طعاما ، أو غيره ; لأن الاستثناء معيار العموم وفي كلام الشارح إشارة إلى أن قول المصنف إلا مطلق طعام المعاوضة استثناء من محذوف ، والأصل ، وجاز البيع قبل القبض لكل شيء ملكه بشراء ، أو هبة إلا مطلق إلخ ( قوله إلا مطلق طعام المعاوضة ) أي إلا الطعام الذي حصل بمعاوضة مطلقا أي سواء كان ربويا ، أو غير ربوي ( قوله فلا يجوز بيعه قبل قبضه ) أي لما ورد في الموطإ والبخاري ومسلم عن أبي هريرة من النهي عن ذلك ، وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكتاله } قال في التوضيح والصحيح عند أهل المذهب أن هذا النهي تعبدي وقيل إنه معقول المعنى ; لأن الشارع له غرض في ظهوره فلو أجيز بيعه قبل قبضه لباع أهل الأموال بعضهم من بعض من غير ظهور بخلاف ما إذا منع من ذلك فإنه ينتفع به الكيال والحمال ويظهر للفقراء فتقوى به قلوب الناس لا سيما في زمن المسغبة [ ص: 152 ] والشدة ( قوله في مقابلة شيء ) أي دراهم ، أو غيرها قال عبق ضابط منع بيع الطعام قبل قبضه أن تتوالى في الطعام عقدتا بيع لم يتخللهما قبض .




الخدمات العلمية