الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) المشتري أحق ( بالسلعة ) التي خرجت من يده ( إن بيعت ) بسلعة أخرى ( واستحقت ) التي أخذها لانتقاض البيع الموجب لخروج سلعته عن ملكه ولو حذف الواو ليكون قوله استحقت نعتا لسلعة كان أولى وهذه المسألة أفراد قاعدة دفع العرض في العرض المشار إليها بقوله الآتي وفي عرض بعرض بما يخرج من يده إلخ ( وقضي ) [ ص: 291 ] على رب الدين ( بأخذ المدين الوثيقة ) منه وبالخصم عليها أي الكتابة على ظاهرها بالوفاء كما قاله ابن عبد الحكم لئلا يدعي رب الدين سقوطها منه فيقبل كما يأتي قريبا أو يخرج صورتها من السجل إن كان لها سجل ويدعي بها ( أو تقطيعها ) حيث لا سجل لها لئلا يخرج غيرها قال صاحب التكملة الحزم تقطيعها وكتابة براءة بينهما ( لا ) يقضى لزوج طلق ، ولا لوارثه إن مات بأخذ وثيقة ( صداق قضي ) لما في حبسها عند الزوجة من المنفعة بسبب الشروط التي فيها ولحوق النسب إذا اختلفا في النسب وقدر المهر ليقاس عليها نحو أختها وعلم من حضر العقد من أشراف الناس وغيرهم ونحو ذلك ( ولربها ) أي الوثيقة ( ردها ) من المدين إن وجدت عنده ( إن ادعى ) ربها ( سقوطها ) أو سرقتها منه عليه دفع ما فيها إن حلف ربه على بقائه إذ الأصل في كل ما كان بإشهاد أنه لا يبرأ منه إلا بإشهاد ولو أدخل الكاف على سقوطها لشمل السرقة والغصب ونحوهما وفي نسخة بردها بالباء أي قضي لربها بردها .

التالي السابق


( قوله والسلعة إن بيعت إلخ ) يعني أن عمرا لو اشترى سلعة من زيد شراء صحيحا وأولى فاسدا ، ثم فلس زيد أو مات واستحقت السلعة التي خرجت من يده فإن المشتري وهو عمرو أحق بالسلعة التي خرجت من يده إن وجدها بعينها في الموت والفلس ولا يخالف أخذها هنا في الموت وقول المصنف وللغريم أخذ عين ماله المحوز عنه في الفلس لا الموت ; لأن البيع هنا وقع على معين فباستحقاقه انفسخ البيع فوجب رجوعه في عين شيئه إن كان قائما في الموت والفلس وبعوضه إن فات بخلاف مسألة الفلس المشار لها بقول المصنف وللغريم أخذ عين ماله المحوز عنه في الفلس لا الموت فإن البيع فيها هي على ثمن غير معين كالدنانير . ( قوله لانتقاض البيع ) أي لأن المبيع إذا كان معينا ينفسخ البيع لاستحقاقه ( قوله ولو حذف إلخ ) حاصله أن قوله استحقت صفة لسلعة والصفة لا تعطف على الموصوف فلا تقترن بالواو إلا أن يقال إنها زائدة بناء على ما قاله الزمخشري من جواز زيادة الواو في الصفة لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف ويصح جعل الواو للحال وسوغ مجيء الحال من النكرة وقوعها في حيز الشرط المشابه للنفي أو يقدر لها صفة أي سلعة أخرى والحال أنها استحقت كما فعله الشارح ولا يصح جعل الواو عاطفة لجملة استحقت على جملة بيعت لاقتضائه أن المستحق السلعة الخارجة من يد المشتري ; لأنها المحدث عنها وليس كذلك ( قوله وقضى بأخذ المدين الوثيقة ) يعني أن من عليه الدين إذا وفاه لصاحبه وطلب منه الوثيقة التي فيها الدين ليأخذها أو ليقطعها فإنه يجاب لذلك ويقضى له بذلك لئلا يقوم رب الدين بها مرة أخرى ، وقد يقال إن أخذ المدين الوثيقة أو تقطيعها لا يفيده فائدة وحينئذ فلا وجه للقضاء بأخذها أو تقطيعها كما قال المصنف وذلك لأنه إذا أخذ المدين الوثيقة [ ص: 291 ] فادعى من له الدين أنها سقطت منه فالقول قوله كما يأتي فلا فائدة حينئذ في القضاء له بأخذها وإن أخذها وقطعها لا يفيده أيضا ; لأن من له الدين يخرج عوضها من السجل ، وقد يجاب بأن المراد قضى بأخذ الوثيقة أي بعد الخصم عليها ، وقوله أو تقطيعها أي بعد الإشهاد على وفاء ما فيها أو كتب وثيقة تناقضها ، وقد يقال إن الخصم عليها لا يفيد لجواز أن رب الدين يدعي أنها سقطت منه وأن المدين أخذها وخصم عليها فالأولى ما قاله ح والجزيري من أنه يقضى بأخذها ليخصم عليها ، ثم ترد لصاحبها وهو صاحب الدين ( قوله على رب الدين ) أي الذي اقتضى دينه ( قوله بأخذ المدين الوثيقة منه وبالخصم عليها ) أي وتبقى بعد ذلك بيد ربها وهو صاحب الدين كما عليه العمل كما في ح عن ابن عبد السلام ونقله تت عن الخضراوي وهو أبو القاسم الجزيري صاحب الوثائق ، وكلام الشارح يقتضي أنه يخصم عليها وتبقى عند المدين وليس كذلك لما علمت أنه لا فائدة فيه إلا أن يحمل على ما إذا كان الخصم بلا ريبة فيه بأن كان بخط رب الدين وختمه ( قوله قال صاحب التكملة ) هو العلامة النويري والمراد بالتكملة تكملة شرح شيخه البساطي فإنه قد ترك مواضع من المتن لم يكتب عليها فكتب عليه النويري وسماه التكملة ( قوله الحزم ) بالحاء المهملة والزاي المعجمة أي الرأي السديد ( قوله وكتابة براءة بينهما ) أي بأن يكتب في ورقة أخرى أن فلانا رب الدين وصله دينه من فلان أو أبرأ المدين منه ويكتب الشهود خطوطهم على تلك الورقة ( قوله قضى ) أي قضاه الزوج أو وارثه ، وقوله بأخذ وثيقة صداق أي ليبقيها عنده أو ليقطعها ( قوله ولحوق النسب ) أي نسب الولد بالزوج إذا اختلفا في ذلك الولد هل هو منه أو لا فإنه يعلم من تلك الوثيقة لحوقه به وعدمه إذا كتب فيها تاريخ عقد النكاح ( قوله ولربها ) أي وهو صاحب الدين يعني أن وثيقة الدين إذا وجدت بيد من عليه الدين فطلبها صاحبها وقال سقطت أو سرقت مني وقال من عليه الدين بل دفعت ما فيها فالقول قول رب الدين وله أخذ الوثيقة من المدين إن حلف على سقوطها أو سرقتها وأنه لم يأخذ ما فيها ولا أبرأ منه ولا أحال به ( قوله وعليه ) أي على المدين دفع ما في الوثيقة من الدين .




الخدمات العلمية