الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وأجره ) أي القاسم ( بالعدد ) أي على عدد الشركاء ممن طلب القسم أو أباه لا على قدر الأنصباء ; لأن تعب القسام في تمييز النصيب اليسير كتعبه في الكبير وكذا أجرة الكاتب والمقوم للعلة المذكورة ( وكره ) أخذه الأجرة ممن قسم لهم سواء كانوا أيتاما أو غيرهم ; لأنه ليس من مكارم الأخلاق ، وهذا إذا لم يكن له شيء في بيت المال على ذلك وإلا حرم عليه الأخذ [ ص: 501 ] ممن قسم لهم وكذا إذا كان الأخذ مطلقا قسم أو لم يقسم ( وقسم ) فعل ماض مبني للمفعول و ( العقار وغيره ) نائب الفاعل والمراد بغيره المقومات ( بالقيمة ) لا بالعدد ولا بالمساحة حيث اختلفت أجزاء المقسوم فإن اتفقت لم يحتج لتقويم بل يقسم مساحة .

وأما ما يكال أو يوزن واتفقت صفته فإنه يقسم كيلا أو وزنا لا قرعة وقيل يجوز قسمه قرعة أيضا ولا وجه له ( وأفرد ) في قسمة القرعة ( كل نوع ) من عقار وحيوان وعرض احتمل القسم أم لا ، لكن الذي لا يحتمله يفرد ليباع أو يقابل به غيره في التقويم إن رضيا بذلك ، فمعنى أفرد أنه لا يضم لغيره في القسم فلا يجمع بين نوعين ولا بين صنفين متباعدين بل كل نوع على حدته قال ابن رشد : لا يجمع في القسمة بالسهم الدور مع الحوائط ولا مع الأرضين ولا الحوائط مع الأرضين بل يقسم كل شيء من ذلك على حدته كما أشار له المصنف بقوله ( وجمع ) في القسمة ( دور وأقرحة ) الواو بمعنى أو إذ لا تجمع دور لأقرحة بل تجمع الدور على حدة والأقرحة بعضها لبعض على حدة والأقرحة جمع قراح بفتح القاف وتخفيف الراء أرض الزراعة أي أفدنة ( ولو بوصف ) مبالغة في مقدر أي إن عينت [ ص: 502 ] ولو كان تعيينها بالوصف رفعا للجهالة والتعيين بالوصف إنما هو في الدور والأقرحة الغائبة غيبة غير بعيدة من محل القسم بحيث يؤمن تغير ذاتها أو المزدوجين إذا ذهب إليها ، وهذا غير قوله وتقاربت كالميل إذ هو في جواز جمعها في القسم وهذا في جواز قسمها في حد ذاتها

التالي السابق


( قوله وأجره ) أي أجرته ( قوله أي على عدد الشركاء ) أي مفضوضة على عدد الشركاء ( قوله وكذا أجرة الكاتب والمقوم ) أي مفضوضة على عدد الرءوس لا على قدر الأنصباء ( قوله وكره أخذ الأجرة إلخ ) في بن تقييد الكراهة بمن كان مقاما من طرف القاضي للقسمة أما من استأجره الشركاء على القسم لهم فلا كراهة [ ص: 501 ] في أخذه الأجرة ( قوله ممن قسم لهم ) أي سواء كانوا أيتاما أم لا ( قوله وكذا إذا كان الأخذ مطلقا ) أي إن محل الأقسام الأربعة المذكورة حيث كان لا يأخذ إلا إذا قسم بالفعل فإن كان يأخذ مطلقا كالمسمى في زماننا بالقسام حرم أخذه مطلقا كان المال لأيتام أو لكبار كان له أجر في بيت المال على القسم أم لا ، فالصور ثمان : الحرمة في ست ، والكراهة في اثنتين ( قوله والمراد بغيره المقومات ) أي كالثياب والحيوان ( قوله بالقيمة ) أي فتقوم الدور أو الجهات في الدار أو الحيوان أو الثياب ويجعل أقساما بقدر عدد الرءوس كما يأتي ، وهذا في قسمة القرعة وكذا في قسمة المراضاة إن أدخلا مقوما فتقوم الدور أو جهات الدار وكذا الثياب والحيوان ويأخذ كل واحد دارا أو جهة أو ثوبا أو حيوانا بالتراضي فقول المصنف وقسم العقار وغيره بالقيمة جار في قسمة القرعة والمراضاة إن أدخلا مقوما ( قوله لا بالعدد ) أي في الثياب والحيوان وقوله ولا بالمساحة أي في العقار كالأرض والدور ( قوله حيث اختلفت أجزاء المقسوم ) أي في القيمة ( قوله فإن اتفقت ) أي أجزاء المقسوم في القيمة بأن كانت الدور متساوية بالقيمة ( قوله واتفقت صفته ) أي كسمراء ومحمولة وكون السمن شيحيا أو سمن رعي برسيم مثلا وإنما قيد بقوله واتفقت صفته ; لأنه محل الخلاف .

وأما مختلف الصفة فلا يقسم بالقرعة اتفاقا بل بالكيل والوزن ( قوله فإنه يقسم كيلا أو وزنا لا قرعة ) ; لأنه إذا كيل أو وزن فقد استغنى عن القرعة فلا وجه لدخولها فيهما أي في المكيل والموزون ، وهذا قول ابن رشد وأفتى به الشبيبي واقتصر عليه صاحب المعين وصاحب التحفة ( قوله وقيل يجوز قسمه قرعة ) أي وحينئذ فتقوم كالمتقومات لكن لا يجمع بين صنفين منها ، وبه أفتى ابن عرفة واستظهره صاحب المعيار ( قوله ولا وجه له ) أي فالمعول عليه القول الأول ، وهو أن المكيل والموزون لا يقسم بالقرعة ، وأما بالمراضاة فهو جائز اتفاقا إذا كان كل من المكيل والموزون من أصناف .

وأما إذا كان من صنف واحد فلا يجوز إذا وقع القسم جزافا بلا تحر أو بتحر في المكيل .

وأما بتحر في الموزون فيجوز وأولى مع الوزن أو الكيل بالفعل كما مر ( قوله وأفرد إلخ ) فإذا مات إنسان وخلف عقارا وحيوانا وعرضا فإن كل نوع يقسم على حدته ولا يضم لغيره هذا إن احتمل القسم فإن لم يحتمله بيع وقسم ثمنه ولا يضم لغيره إلا إذا تراضى الورثة على جمعه مع غيره وإلا جمع فقول الشارح لكن الذي لا يحتمله يفرد ليباع أي ويقسم ثمنه وقوله أو يقابل به غيره في التقويم أي فإذا تراضوا على جمع ما لا يحتمل القسم من الأنواع لغيره فإنه يعمل به كما في ح وقوله إنه لا يضم لغيره في القسم أي .

وأما كونه يقسم أو يباع ليقسم ثمنه فشيء آخر ( قوله فلا يجمع بين نوعين ) أي كالعقار أو الحيوان والعرض فهذه أنواع ثلاثة فلا يجمع بين نوعين منها بل يقسم كل نوع منها على حدته وقوله ولا بين صنفين متباعدين أي كالأرض والحوائط والدور فإن هذه أصناف للعقار فلا يجمع بين صنفين منها بل يقسم كل صنف منها على حدته واحترز بقوله متباعدين من الصنفين المتقاربين كالحرير والصوف فإنهما صنفان للبز متقاربان ; لأن المقصود منهما الستر واتقاء الحر والبرد فيجمعان كما يأتي ( قوله بل كل نوع على حدته ) أي يقسم بالقرعة على حدته وأراد بالنوع ما يشمل الصنف وإلا كان الأولى أن يقول بل كل نوع أو صنف يقسم على حدته ( قوله في القسمة بالسهم ) أي القرعة واحترز عن قسمة المراضاة فإنه يجوز الجمع فيها بين تلك الأنواع فيجوز أن يتراضى الورثة على أن يأخذ كل واحد منهم نوعا منها ( قوله بل يقسم كل شيء من ذلك على حدته ) أي إن احتمل القسم وإلا بيع وقسم ثمنه ما لم يتراض الورثة على جمعه مع غيره وإلا جمع كما مر ( قوله بل تجمع الدور على حدة ) أي يجمع بعضها لبعض وتقسم على حدتها ( قوله أرض الزراعة ) أي الخالية من البناء والشجر كما قال الجوهري ( قوله مبالغة في مقدر ) هذا غير متعين إذ يصح أن تكون المبالغة [ ص: 502 ] في قوله جمع والباء للملابسة أي جمع دور أو أقرحة ، هذا إذا كان جمعها ملتبسا برؤيتها بل ولو كان ملتبسا بوصف .

( قوله ولو كان تعيينها بالوصف ) أي للساحة والبناء ( قوله والتعيين بالوصف إلخ ) الأوضح أن يقول ولا بدفيما ينقسم بالقرعة من الدور والأقرحة إذا كان معينا بالوصف أن يكون غائبا غيبة غير بعيدة من محل القسم ( قوله بحيث يؤمن تغير ذاتها ) أي ولو كانت الغيبة أزيد من كميل ( قوله : وهذا ) أي اشتراط أقرب الغيبة هنا ( قوله وتقاربت ) أي وتقاربت أمكنتها ( قوله في جواز جمعها ) أي مع الحاضر القسم .

والحاصل أنه لا يجوز جمع الغائب مع الحاضر في القسم إلا إذا كانت غيبته قريبة كالميل سواء كان ذلك الغائب معينا بالوصف أو برؤية سابقة ( قوله في حد ذاتها ) أي بقطع النظر عن جمعها مع غيرها ، وحاصله أن ما ينقسم بالقرعة إذا كان غائبا وكان معينا ولو بالوصف لا بد في صحة قسمته بالقرعة من كون غيبته غير بعيدة من محل القسم بحيث يؤمن من تغير ذاته أو سوقه ولو كانت الغيبة أكثر من كميل إلا أنه إذا كانت الغيبة كميل فأقل قسم بالقرعة مع ضمه لغيره من الحاضر ، وإن كان أزيد من كميل فإنه يقسم بالقرعة على حدته من غير ضم




الخدمات العلمية