الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وترك له ) أي للمفلس الأخص من ماله ( قوته ) أي ما يقتات به مما تقوم به البنية لا ما يترفه به ( والنفقة الواجبة عليه ) لغيره كزوجاته ووالديه وأولاده ورقيقه الذي لا يباع عليه كأم ولده ومدبره ( لظن يسرته ) أي إلى وقت يظن بحسب الاجتهاد أنه يحصل له فيه ما يتأتى به المعيشة وهذا بخلاف مستغرق الذمة بالتبعات والمظالم فإنه لا يترك له إلا ما يسد رمقه وحده ; لأن أهل الأموال لم يعاملوه على ذلك ( و ) يترك لهم أيضا ( كسوتهم كل ) أي كل واحد منهم ( دستا ) بدال مفتوحة وسين مهملتين مقابل ثياب الزينة ( معتادا ) كقميص وعمامة وقلنسوة ويزاد للمرأة مقنعة وإزار ولخوف شدة برد ما يقيه ( ولو ورث ) المفلس ( أباه ) أو من يعتق عليه ( بيع ) في الدين ، ولا يعتق عليه بنفس الملك إن استغرقه الدين وإلا بيع منه بقدره وعتق الباقي إن وجد من يشتري البعض وإلا بيع جميعه [ ص: 278 ] ويملك باقي الثمن ( لا ) إن ( وهب له ) فلا يباع عليه بل يعتق عليه بمجرد الهبة ( إن علم واهبه أنه يعتق عليه ) ; لأنه إنما وهبه حينئذ لأجل العتق فلو لم يعلم أنه يعتق عليه ولو علم بالقرابة كالأبوة فإنه يباع في الدين ، ولا يعتق كالإرث .

التالي السابق


( قوله لا ما يترفه به ) أي فإذا كان يقتات بطعام فيه ترفه فلا يترك له ذلك ( قوله والنفقة الواجبة عليه لغيره ) أي فيترك له ما تقوم به البنية لا ما فيه ترفه ( قوله الواجبة عليه لغيره ) أي بطريق الأصالة لا بالالتزام لسقوطها بالفلس ( قوله لظن يسرته ) متعلق بقوته ; لأنه وإن كان جامدا في معنى المشتق وهو المقتات أي ما يقتات به لظن يسرته يترك له وليس متعلقا بترك على أنه غاية ; لأن المعنى حينئذ ترك له تركا مستمرا لظن يسرته ، وهذا غير صحيح ; لأن الترك في لحظة فلا استمرار فيه ( قوله بخلاف مستغرق الذمة ) اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله كما قال ابن القاسم خلافا لأصبغ القائل بحرمة ذلك ، وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله وهو المعتمد خلافا لأصبغ المحرم لذلك ، وأما من كان كل ماله حرام وهو المراد بمستغرق الذمة فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره خلافا لمن قال إنه مثل من أحاط الدين بماله فيمنع من التبرعات لا من التصرف المالي وسبيل ماله إذا لم يمكن رده لأربابه سبيل الصدقة على الفقراء ليس إلا ، وقيل يصرف في جميع منافع المسلمين كبناء القناطر وسد الثغور واختلف إذا نزع منه ليصرف في مصالح المسلمين هل يترك له منه شيء أو لا والمعتمد أنه يترك له منه ما يسد جوعته ويستر عورته فقط ا هـ تقرير شيخنا عدوي ( قوله والمظالم ) عطف تفسير ( قوله إلا ما يسد رمقه ) أي جوعته ، وهذا هو المعتمد وهو قول ابن رشد وكلام ح في شرح المناسك يفيد أنه لا يترك له شيء ولا ما يسد جوعته ( قوله لم يعاملوه على ذلك ) أي على الإنفاق من مالهم أي بخلاف المفلس فإن أرباب الأموال عاملوه على ذلك ( قوله ولو ورث أباه بيع إلخ ) قول الشارح لو ورث المفلس أي سواء كان بالمعنى الأعم وهو من قام عليه الغرماء ومنعوه التصرف أو بالمعنى الأخص وهو من حكم الحاكم بخلع ماله لعجزه عن وفاء ما عليه وسكت المصنف عن شراء المفلس لمن يعتق عليه .

وحاصل ما فيه أن شراءه ممنوع ابتداء وبعد الوقوع فاسد عند ابن عبد السلام وصحيح موقوف على نظر الحاكم على نقل ابن عرفة أو على نظر الغرماء وهذا هو محصل ما تقدم في تصرفه المالي فلم يقولوا ذلك في مسألة [ ص: 278 ] شرائه لأبيه بخصوصها وتقدم أن الصواب أنه صحيح موقوف على نظر الغرماء ، ثم إن رده الغرماء فظاهر وإن أجازوه بيع كما نص عليه المصنف في العتق انظر بن ( قوله لا إن وهب له ) أي للمفلس مطلقا من يعتق عليه .




الخدمات العلمية