الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  363 36 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال : حدثني ابن أبي الموالي ، عن محمد بن المنكدر قال : دخلت على جابر بن عبد الله وهو يصلي في ثوب ملتحفا به ، ورداؤه موضوع ، فلما انصرف قلنا : يا أبا عبد الله تصلي ورداؤك موضوع ؟ قال : نعم أحببت أن يراني الجهال مثلكم ، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي هكذا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وتقدم في حديث جابر هذا في باب عقد الإزار على القفا ، وهناك أخرجه عن أحمد بن يونس عن عاصم بن محمد عن واقد بن محمد عن محمد بن المنكدر قال "صلى جابر في إزار" إلخ ، وأخرجه أيضا هناك عن مطرف عن [ ص: 79 ] عبد الرحمن بن أبي الموالي ، عن محمد بن المنكدر قال : "رأيت جابرا يصلي في ثوب" الحديث ، وهاهنا أخرجه عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي عن عبد الرحمن بن أبي الموالي بفتح الميم ، وقد تكلمنا هناك بما فيه الكفاية ، ولنتكلم هاهنا بما لم نتكلم هناك ، فقوله : "وهو يصلي" جملة حالية . قوله : "ملتحفا" بالنصب حال ، وهو رواية الأكثرين ، وفي رواية المستملي والحموي "ملتحف" بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هو ملتحف ، وقال بعضهم : وفي نسختي عنهما بالجر على المجاورة ، ( قلت ) نسخته ليست بعمدة حتى يسلم الجر ثم يقال للمجاورة . قوله : "ورداؤه موضوع" جملة اسمية وقعت حالا أي : موضوع على شيء ، وهناك موضوعة على المشجب . قوله : "فلما انصرف" أي : من الصلاة . قوله : "قلنا يابا عبد الله" أصله يا أبا عبد الله بالهمزة فحذفت تخفيفا ، وهو كنية جابر رضي الله تعالى عنه . قوله : "أحببت أن يراني الجهال" وهناك "ليراني أحمق مثلك" سبب تغليظه القول فيه كونه فهم من كلام السائل إنكاره عليه ، والغرض في محبته لرؤية الجهال أن يقع السؤال والجواب فيستفاد منه بيان الجواز . قوله : "مثلكم" بالرفع صفة للجهال ، وهو بضم الجيم ، وتشديد الهاء جمع جاهل ، وهناك ذكرنا أن لفظ مثل متوغل في النكرة فلا يتعرف وإن أضيف إلى المعرفة ، فلذلك وقع صفة للنكرة ، وهو قوله "أحمق" وأما هاهنا فإنه وقع صفة للمعرفة ، فوجهه أنه إذا أضيف إلى ما هو مشهور بالمماثلة يتعرف ، وهاهنا كذلك على أن التعريف في الجهال للجنس فهو في حكم النكرة ، والمثل بمعنى المثيل على وزن فعيل ، فيستوي فيه المذكر والمؤنث ، والمفرد والجمع ؛ فلذلك ما طابق الجهال مع أن التطابق بين الصفة والموصوف في الإفراد ، والجمع شرط ، أو تقول : هو اكتسب الجمعية من المضاف إليه أو هو جنس يطلق على المفرد والمثنى والجمع . قوله : "يصلي كذا" ، وفي رواية الكشميهني "هكذا" .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية