الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6049 1 - حدثنا المكي بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند ، عن أبيه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للجزء الأول للترجمة ظاهرة ، والمكي كذا في رواية الأكثرين بالألف واللام وهو اسم بلفظ النسبة وهو من مشايخ البخاري الكبار ، وقد روى أحمد هذا الحديث عنه بعينه ، وعبد الله بن سعيد من صغار التابعين لأنه لقي بعض صغار الصحابة وهو أبو أمامة بن سهل وهو يروي عن أبيه سعيد بن أبي هند الفزاري مولى سمرة بن جندب ، وأوضح هذا يحيى القطان في روايته حيث قال : عن عبد الله بن سعيد ، حدثني أبي ، أخرجه الإسماعيلي والضمير في قوله : " هو ابن أبي هند " يرجع إلى سعيد لا لعبد الله وهو من تفسير البخاري .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه الترمذي في الزهد عن صالح بن عبد الله وسويد بن نصر ، وأخرجه النسائي في الرقاق عن سويد بن نصر عن ابن المبارك ، وأخرجه ابن ماجه في الزهد عن عباس بن عبد العظيم ، وقال الترمذي : ورواه غير واحد عن عبد الله بن سعيد ورفعوه ووقفه بعضهم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " نعمتان " تثنية نعمة وهي الحالة الحسنة وبناء النعمة التي يكون عليها الإنسان كالجلسة ، وقال الإمام فخر الدين : النعمة عبارة عن المنفعة المفعولة على جهة الإحسان إلى الغير .

                                                                                                                                                                                  قوله : " مغبون " إما مشتق من الغبن بسكون الباء وهو النقص في البيع ، وإما من الغبن بفتح الباء وهو النقص في الرأي ، فكأنه قال : هذان الأمران إذا لم يستعملا فيما ينبغي فقد غبن صاحبهما فيهما أي : باعهما ببخس لا تحمد عاقبته أو ليس له في ذلك رأي البتة ، فإن الإنسان إذ لم يعمل الطاعة في زمن صحته ففي زمن المرض بالطريق الأولى ، وعلى ذلك حكم الفراغ أيضا فيبقى بلا عمل خاسرا مغبونا ، هذا وقد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا للعبادة لاشتغاله بأسباب المعاش ، وبالعكس فإذا اجتمعا في العبد وقصر في نيل الفضائل فذلك هو الغبن له كل الغبن ، وكيف لا والدنيا هي سوق الأرباح وتجارات الآخرة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " كثير " مرفوع بالابتداء وخبره هو قوله : " مغبون " مقدما والجملة خبر قوله : " نعمتان " .

                                                                                                                                                                                  قوله : " الصحة " أي : إحدى النعمتين الصحة في الأبدان .

                                                                                                                                                                                  قوله : " والفراغ " أي : الأخرى منهما الفراغ ، وهو عدم ما يشغله من الأمور الدنيوية .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية