الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6186 138 - حدثنا معاذ بن أسد ، أخبرنا الفضل بن موسى ، أخبرنا الفضيل ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للجزء الثاني من الترجمة من حيث إن كون منكبي الكافر هذا المقدار في النار نوع وصف من أوصافها باعتبار ذكر المحل وإرادة الحال . والفضل بن موسى : هو السيناني بكسر السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وتخفيف النون الأولى وكسر الثانية ، وسينان قرية من قرى مرو ، والفضيل : مصغر فضل ، كذا في رواية الأكثرين غير منسوب ، ونسبه ابن السكن في روايته فقال : الفضل بن غزوان ، وهو المعتمد ، ونسبه أبو الحسن القابسي في روايته عن أبي زيد المروزي فقال " الفضيل بن عياض " ورده أبو علي الجياني فقال : لا رواية للفضيل بن عياض في البخاري إلا في موضعين من كتاب [ ص: 121 ] التوحيد ، ولا رواية له عن أبي حازم راوي هذا الحديث ، ولا أدركه ، وأبو حازم سلمان الأشجعي . والحديث أخرجه مسلم في صفة النار عن أبي كريب وغيره .

                                                                                                                                                                                  قوله : " منكبي الكافر " تثنية منكب بكسر الكاف ، وهو مجتمع العضد والكتف ، وفي رواية يوسف بن عيسى عن الفضل موسى شيخ البخاري بسنده " خمسة أيام " ، وروى أحمد من رواية مجاهد عن ابن عمر مرفوعا " يعظم أهل النار في النار حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام " وروى البيهقي في البعث من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس " مسيرة سبعين خريفا " ، وروى ابن المبارك في الزهد " عن أبي هريرة قال : ضرس الكافر يوم القيامة أعظم من أحد ، يعظمون لتمتلئ منهم وليذيقوا العذاب " ، ولم يصرح برفعه لكنه في حكم المرفوع لأنه لا مجال فيه للرأي ، وفي مسلم " عن أبي هريرة مرفوعا : غلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام " ، وأخرجه البزار عن أبي هريرة بسند صحيح ، بلفظ " جلد الكافر وكثافة جلده اثنان وأربعون ذراعا ، بذراع الجبار " قال البيهقي : أراد بلفظ الجبار التهويل ، قال : ويحتمل أن يريد جبارا من الجبابرة إشارة إلى عظم الذراع ، وقال ابن حبان : لما أخرجه في صحيحه بأن الجبار ملك كان باليمن ، وروى البيهقي من طريق عطاء بن يسار عن أبي هريرة " وفخذه مثل ورقان ، ومقعده مثل ما بين المدينة والربذة " ، وأخرجه الترمذي ولفظه " بين مكة والمدينة " وورقان : بفتح الواو وسكون الراء وبالقاف والنون ، جبل معروف بالحجاز ، واختلاف هذه المقادير محمول على اختلاف تعذيب الكفار في النار ، فإن قلت : ورد حديث أخرجه الترمذي والنسائي بسند جيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال ، يساقون إلى سجن في جهنم يقال له بولس " . قلت : هذا في أول الأمر عند الحشر ، والأحاديث المذكورة محمولة على ما بعد الاستقرار في النار .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية