الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4822 [ 2595 ] عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم" قلنا: يا رسول الله ! اليهود والنصارى؛ قال: فمن؟ .

                                                                                              رواه أحمد ( 3 \ 84 )، والبخاري (7320)، ومسلم (2669) وهذا الحديث والذي قبله لم يردا في أصول التلخيص واستدركا من المفهم.

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " لتتبعن سنن الذين من قبلكم ، شبرا بشبر وذراعا بذراع ") قيدناه (سنن) بفتح السين ، وهو الطريق وبضمها ، وهو جمع سنة . وهي الطريقة المسلوكة . وذكر الشبر والذراع والحجر أمثال تفيد أن هذه الأمة يطرأ عليها من الابتداع والاختلاف مثل الذي كان وقع لبني إسرائيل . وقد روى الترمذي هذا المعنى بأوضح من هذا ، فقال : " ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل ، حذو النعل بالنعل ، حتى إن كان منهم من يأتي أمه علانية ، لكان في أمتي من يصنع ذلك ، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ، كلها في النار إلا واحدة " . قالوا : ومن هي يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " . خرجه من حديث عبد الله بن عمر . وقد رواه أبو داود من حديث معاوية بن أبي سفيان وقال : ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة ، وهي [ ص: 695 ] الجماعة " يعني جماعة أصحابي ومن تابعهم على هديهم ، وسلك طريقهم كما قال في حديث الترمذي .

                                                                                              وقد تبين بهذه الأحاديث أن هذا الافتراق المحذر منه إنما هو في أصول الدين وقواعده لأنه قد أطلق عليها مللا ، وأخبر أن التمسك بشيء من تلك الملل موجب لدخول النار ، ومثل هذا لا يقال على الاختلاف في الفروع ، فإنه لا يوجب تعديد الملل ، ولا عذاب النار ، وإنما هو على أحد المذهبين السابقين إما مصيب فله أجران ، وإما مخطئ فله أجر ، على ما ذكرناه في الأصول . والضب حرذون الصحراء وجحره خفي ، ولذلك ضرب به المثل .




                                                                                              الخدمات العلمية