الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4670 [ 2479 ] وعن أبي سعيد وأبي هريرة: أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته" .

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 335 )، والبخاري (5641 - 5642)، ومسلم (2573)، والترمذي (966).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و ( الوصب ) : المرض . يقال [ ص: 545 ] منه : وصب الرجل ، يوصب ، فهو وصيب ، وأوصبه الله ، فهو موصب . و ( النصب ) : التعب والمشقة . يقال منه : نصب الرجل - بالكسر - ينصب - بالفتح - وأنصبه غيره : إذا أتعبه ، فهو منصب ، وهم ناصب) أي : ذو نصب . و ( السقم ) : المرض الشديد . يقال منه : سقم ، يسقم ، فهو سقيم . و ( الهم ) : الحزن ، والجميع : الهموم ، وأهمني الأمر : إذا أقلقني وحزنني ، والمهم : الأمر الشديد ، وهمني المرض : أذابني .

                                                                                              قلت : هذا نقل أهل اللغة ، وقد سووا فيه بين الحزن والهم ، وعلى هذا [ ص: 546 ] فيكون الحزن والهم المذكوران في الحديث مترادفين ، ومقصود الحديث ليس كذلك ، بل مقصوده : التسوية بين الحزن الشديد ، الذي يكون عن فقد محبوب ، والهم الذي يقلق الإنسان ويشتغل به فكره من شيء يخافه أو يكرهه في أن كل واحد منهما يكفر به . كما قد جمع في هذا الحديث نفسه بين الوصب ، وهو المرض ، وبين السقم ، لكن أطلق الوصب على الخفيف منه ، والسقم على الشديد ، ويرتفع الترادف بهذا القدر . ومقصود هذه الأحاديث : أن الأمراض والأحزان - وإن دقت - والمصائب - وإن قلت - أجر المؤمن على جميعها ، وكفرت عنه بذلك خطاياه حتى يمشي على الأرض وليست له خطيئة ، كما جاء في الحديث الآخر ، لكن هذا كله إذا صبر المصاب واحتسب ، وقال ما أمر الله تعالى به في قوله : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون [البقرة: 156] فمن كان كذلك وصل إلى ما وعد الله به ورسوله من ذلك .




                                                                                              الخدمات العلمية