الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويتفاضل ) القرآن ، ويتفاضل أيضا ( ثوابه ) لظواهر الأحاديث .

وبهذا قال إسحاق بن راهويه وأبو بكر بن العربي والغزالي . وقال القرطبي : إنه [ ص: 200 ] الحق . ونقله عن جماعة من العلماء والمتكلمين . قال الغزالي في جواهر القرآن : لعلك أن تقول : قد أشرت إلى تفضيل بعض آيات القرآن على بعض ، والكلام كلام الله . فكيف يفارق بعضها بعضا ؟ وكيف يكون بعضها أشرف من بعض ؟ فاعلم أن نور البصيرة إن كان لا يرشدك إلى الفرق بين آية الكرسي وآية المداينات ، وبين سورة الإخلاص وسورة تبت . وترتاع على اعتقاد الفرق نفسك الخوارة المستغرقة بالتقليد . فقلد صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم فهو الذي أنزل عليه القرآن . وقال { يس : قلب القرآن ، وفاتحة الكتاب أفضل سور القرآن ، وآية الكرسي سيدة آي القرآن ، وقل هو الله أحد : تعدل ثلث القرآن } والأخبار الواردة في فضائل القرآن ، وتخصيص بعض السور والآيات بالفضل ، وكثرة الثواب في تلاوتها لا تحصى . انتهى . وذهب أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني وابن حبان : إلى المنع . وروي هذا القول عن الإمام مالك رضي الله عنه ، ولذلك : كره أن تردد سورة دون أخرى . قال ابن الحصار : والعجب ممن ينكر الاختلاف في ذلك مع النصوص الواردة بالتفضيل . وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره . فقل هو الله أحد : أفضل من تبت يدا أبي لهب . وقال في الإتقان في علوم القرآن : اختلف القائلون بالتفضيل . فقال بعضهم : الفضل راجع إلى عظم الأجر ومضاعفة الثواب بحسب انتقالات النفس وخشيتها ، وتدبرها وتفكرها عند ورود أوصاف العلي . وقيل : بل يرجع لذات اللفظ ، وأن ما تضمنه قوله تعالى ( { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } ) وآية الكرسي ، وآخر سورة الحشر ، وسورة الإخلاص من الدلالات على وحدانيته وصفاته ، ليس موجودا مثلا في { تبت يدا أبي لهب } وما كان مثلها . فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها . انتهى ( ويتفاوت إعجازه ) قال القاضي ، وابن عقيل وغيرهما : في بعضه إعجاز أكثر من بعض .

قال في شرح التحرير ، قلت : وهو صحيح ، وقد صرح به أئمة علماء البلاغة

التالي السابق


الخدمات العلمية