الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) من شرط حكم الأصل أيضا . كونه ( متفقا عليه بين الخصمين ) فإن كان أحدهما يمنعه ، فلا يستدل عليه بالقياس فيه . وإنما شرط ذلك ; لئلا يحتاج القياس عند المنع إلى إثباته فيكون انتقالا من مسألة إلى أخرى ( لا ) أن يكون متفقا عليه بين ( الأمة ) لحصول المقصود باتفاق الخصمين فقط . وهذا الصحيح الذي عليه الجمهور ، واشترط قوم اتفاق الأمة على الأصل ، ومنعوا القياس على مختلف فيه لنقل الكلام إلى التسلسل .

وضعفه الموفق كغيره لندرة المجمع عليه . ولأن كلا من الخصمين مقلد فليس له منع حكم ثبت مذهبا لإمامه ; لأنه لا يعلم مأخذه ثم لا يلزم من عجزه عجزه ، ثم لا يتمكن أحدهما من إلزام ما لم يجمع عليه ( ولا ) يشترط - مع كونه متفقا عليه بين الخصمين دون الأمة - أن يكون ذلك ( مع اختلافهما ) وقيل : بلى ، وهو اختيار الآمدي ( ولو ) ( لم يتفقا ) يعني الخصمين على حكم الأصل ، ولم يكن مجمعا عليه ( فأثبت المستدل حكمه ) أي حكم الأصل بنص ( ثم أثبت العلة ) بطريق من طرقها ، من إجماع أو نص ، أو سبر أو إخالة ( قبل ) منه استدلاله في الأصح ، ونهض دليله على خصمه .

مثال ذلك : أن يقول في المتبايعين ، إذا كانت السلعة تالفة : متبايعان تخالفا ، فيتحالفان ويترادان كما لو كانت قائمة ، لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا اختلف المتبايعان ، فليتحالفا [ ص: 486 ] وليترادا } فيثبت الحكم بالنص وعلته ، وهي التحالف بالأيمان وقيل : لا يقبل ذلك من المستدل حتى يكون حكم الأصل مجمعا عليه ، أو يتوافق عليه الخصمان . واستدل للأول - وهو الصحيح - بأنه لو لم يقبل ذلك منه لم تقبل في المناظرة مقدمة تقبل المنع ، واللازم باطل ، بيان الملازمة : أن من يمنع ذلك ويشترط في حكم الأصل الاتفاق عليه بين الخصمين إنما قال ذلك لئلا يحصل الانتقال من مطلوب إلى آخر . وانتشار كلام يوجب تسلسل البحث ، ويمنع من حصول مقصود المناظرة وهذا لا يختص بحكم الأصل ، بل هو ثابت في كل مقدمة تقبل المنع قال القاضي عضد الدين : وربما يفرق بأن هذا حكم شرعي مثل الأول ، يستدعي ما يستدعيه ، بخلاف المقدمات الأخر .

( وإن ) كان الخصم يقول بحكم الأصل و ( لم يقل بحكم أصله المستدل ف ) هو قياس ( فاسد ) مثال ذلك : قول الحنفي في الصوم بنية النفل : أتى بما أمر به ، فيصح ، كفريضة الحج ، وهو لا يقول بصحة فريضة الحج بنية النفل ، بل خصمه هو القائل به . ووجه فساده : كونه اعترف ضمنا بخطئه في الأصل ، وهو إثبات الصحة في فريضة الحج والاعتراف ببطلان إحدى مقدمات دليله ، اعترف ببطلان دليله ولا يسمع من المدعي ما هو معترف ببطلانه ، ولا يمكن من دعواه فإن قيل : فذلك يصلح إلزاما للخصم ; إذ لو لزمه لزم المقصود ، وإلا كان مناقضا في مذهبه . لعمله بالعلة في موضع دون موضع . فالجواب : أن الإلزام مندفع بوجهين أحدهما : أن يقول : العلة في الأصل عندي غير ذلك ، ولا يجب ذكري لها . الثاني : بأن يقول : يلزم منه خطئي في الأصل أو في الفرع ولا يلزم منه الخطأ في الفرع معينا وهو مطلوبك ، وربما أعترف بخطئي في الأصل ولا يضرني ذلك في الفرع . قاله القاضي عضد الدين وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية