الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الباء ) ( الباء ) تكون ( لإلصاق حقيقة ) نحو أمسكت الحبل بيدي ( ومجازا ) نحو مررت بزيد فإن المرور لم يلصق به ، وإنما ألصق بمكان يقرب من زيد ، ومعنى الإلصاق : أن يضاف الفعل إلى الاسم ، فيلصق به بعد ما كان لا يضاف إليه لولا دخولها ، نحو خضت الماء برجلي ، ومسحت برأسي ، والباء لا تنفك عن الإلصاق ، إلا أنها قد تتجرد له ، وقد يدخلها مع ذلك معنى آخر ، ولهذا لم يذكر لها سيبويه معنى غيره ( ولها معان ) أخر أحدها : التعدية ، وتسمى باء النقل وهي القائمة مقام الهمزة في تصيير الفاعل مفعولا نحو قوله تعالى ( { ذهب الله بنورهم } ) وأصله : أذهب نورهم .

الثاني : الاستعانة : وهي الداخلة على آلة الفعل ونحوها ، نحو : كتبت بالقلم ، وقطعت بالسكين ، ومنه ( { واستعينوا بالصبر والصلاة } ) الثالث : السببية نحو قوله تعالى ( { فكلا أخذنا بذنبه } ) وأدرج في التسهيل باء الاستعانة في باء السببية .

الرابع : التعليلية ، نحو قوله تعالى ( { فبظلم من الذين هادوا } ) والفرق بينهما : أن العلة موجبة لمعلولها ، بخلاف السبب لمسببه ، فهو كالأمارة الخامس : المصاحبة ، وهي التي يصلح في موضعها " مع " أو يغني عنها وعن مصحوبها الحال [ ص: 85 ] نحو قوله تعالى ( { قد جاءكم الرسول بالحق } ) أي مع الحق ، أو محقا السادس : الظرفية بمعنى في للزمان ، نحو قوله تعالى ( { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل } ) وللمكان نحو قوله تعالى ( { ولقد نصركم الله ببدر } ) وربما كانت الظرفية مجازية ، نحو بكلامك بهجة .

السابع : البدلية بأن يجيء موضعها بدل ، نحو قوله [ صلى الله عليه وسلم ] في الحديث { ما يسرني بها حمر النعم } أي بدلها الثامن : المقابلة ، وهي الداخلة على الأثمان والأعواض . نحو اشتريت الفرس بألف ، ودخولها غالبا على الثمن . وربما دخلت على المثمن .

قال تعالى ( { ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا } ) ولم يقل : ولا تشتروا آياتي بثمن قليل التاسع : المجاوزة بمعنى " عن " وتكثر بعد السؤال نحو ( { فاسأل به خبيرا } ) وتقل بعد غيره نحو ( { ويوم تشقق السماء بالغمام } ) وهو مذهب كوفي ، وتأوله الشلوبين على أنها باء السببية . العاشر : الاستعلاء ، نحو قوله تعالى ( { ومنهم من إن تأمنه بدينار } ) أي على دينار . وحكاه أبو المعالي في البرهان عن الشافعي رضي الله تعالى عنه الحادي عشر : القسم ، وهو أصل حروفه ، نحو بالله لأفعلن . الثاني عشر : الغاية . نحو { وقد أحسن بي } أي إلي . الثالث عشر : التوكيد وهي الزائدة إما مع الفاعل ، نحو أحسن بزيد ، على قول البصريين أنه فاعل ، أو مع المفعول ، نحو ( { وهزي إليك بجذع النخلة } ) أو مع المبتدأ . نحو بحسبك درهم ، أو الخبر نحو ( { أليس الله بكاف عبده } ) الرابع عشر : التبعيض .

قال به الكوفيون والأصمعي والفارسي وابن مالك نحو ( { عينا يشرب بها عباد الله } ) أي منها . وخرج بعضهم على ذلك قوله تعالى ( { وامسحوا برءوسكم } ) وأنكره ابن جني وغيره . وقال ابن العربي : إنها هنا تفيد فائدة غير التبعيض ، وهو الدلالة على ممسوح به .

قال : والأصل فيه : امسحوا برءوسكم الماء . فتكون من باب القلب . والأصل : رءوسكم بالماء

التالي السابق


الخدمات العلمية