الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن أخبر ) عن شيء ( بحضرته ) أي حضرة النبي ( صلى الله عليه وسلم ولم ينكر ) ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أو ) أخبر عن شيء بحضرة ( جمع عظيم ولم يكذبوه ) فيما أخبر به ( دل على صدقه ظنا ) هاهنا مسألتان . الأولى : إذا أخبر مخبر بشيء بحضرته صلى الله عليه وسلم ولم ينكره . فإنه يدل على صدقه ظنا لا قطعا في ظاهر كلام أصحابنا وغيرهم . لتطرق الاحتمال بعدم سماعه أو إلقاء باله ، أو أنه ما فهمه أو أخره لأمر يعلمه ، أو بينه قبل ذلك بوقت ونحوه . وقيل : بل قطعا ; لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على الباطل . وقيل : إن كان الأمر دينيا دل على صدقه ; [ ص: 266 ] لأنه بعث شارعا للأحكام ، فلا يسكت عما يخالف الشرع ، بخلاف الدنيوي .

فإنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث لبيان الدنيويات المسألة الثانية : إذا أخبر مخبر بشيء بحضرة جمع عظيم ، وسكتوا عن تكذيبه فيما أخبر به . فإن ذلك يدل على صدقه ظنا لا قطعا . اختاره الآمدي والرازي ; إذ ربما خفي عليهم حال ذلك المخبر . والقول بأنه يبعد خفاؤه لا يفيد القطع ، وقدم ذلك ابن مفلح ونصره .

وقيل : إن علم أنه لو كان كاذبا لكذبوه ولا داعي إلى السكوت علم صدقه ، قطع به ابن الحاجب في مختصره وتبعه جماعة ، ورد ذلك بأنه يحتمل أنه لم يعلمه إلا واحد أو اثنان . والعادة لا تحيل سكوتهما ، ثم يحتمل مانع ( وكذا ما ) أي : وكالمسألتين المتقدمتين في الدلالة على صدق الخبر ظنا خبر ( تلقاه ) النبي صلى الله عليه وسلم بالقبول ، كإخباره صلى الله عليه وسلم ( عن تميم الداري ) قال الشيخ تقي الدين : " ومنه ما تلقاه صلى الله عليه وسلم بالقبول كإخباره عن تميم الداري في قصة الجساسة " ، وهي في صحيح مسلم ، فإنه صدقه ووافق ما كان يخبر به صلى الله عليه وسلم عن الدجال ( و ) كذا ( إخبار شخصين عن قضية يتعذر عادة تواطؤهما عليها ، أو على كذب وخطإ ) قاله ابن مفلح في أصوله مقتصرا عليه من غير خلاف . قال في شرح التحرير : والظاهر أنه من تتمة كلام الشيخ تقي الدين ، فإنه عقبه كلامه ، ولم نر هذه المسألة في غير هذا الكتاب . انتهى

التالي السابق


الخدمات العلمية