الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا ) إجماع ( عن غير دليل ) عند الأئمة الأربعة وغيرهم لأن الإجماع لا يكون إلا من المجتهدين ، والمجتهد لا يقول في الدين بغير دليل .

فإن القول بغير دليل خطأ . وأيضا فكان يقتضي إثبات شرع مستأنف بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو باطل ; ولأنه محال عادة ، فكالواحد من الأمة .

والدليل : إما الكتاب ، كإجماعهم على حد الزنا والسرقة وغيرهما ، وإما السنة .

فكإجماعهم على توريث كل من الجدات السدس ونحوه . ويأتي القياس .

وخالف بعض المتكلمين في ذلك فقال : يجوز أن يحصل بالبحث والمصادفة .

والمعنى : أن الإجماع قد يكون عن توفيق من الله تعالى من غير مستند . وأجابوا عما سبق بأن الخطأ إنما هو في الواحد من الأمة . أما في جميع الأمة فلا . ورد ذلك بأن الخطأ إذا اجتمع لا ينقلب صوابا ; لأن الصواب في قول الكل إنما هو مراعاة عدم الخطإ من كل فرد . قال المخالف : لو كان الإجماع عن دليل كان الدليل هو الحجة فلا فائدة فيه . ورد بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم حجة في نفسه . وهو عن دليل هو الوحي ، ثم فائدته : سقوط البحث عنا عن دليله . وحرمة الخلاف الجائز قبله . وبأنه يوجب عدم انعقاده عن دليل ( ويجوز ) كون الإجماع ( عن اجتهاد وقياس ، ووقع ) عن اجتهاد وقياس ( وتحرم مخالفته ) أي مخالفة الإجماع الواقع عن اجتهاد أو قياس عند الأئمة الأربعة وغيرهم . وخالف ابن حزم ، والظاهرية والشيعة في الجواز ، وقوم في القياس الخفي ، وقوم في الوقوع . أما وقوع الإجماع بالقياس : فإنهم قالوا في نحو الشيرج تقع فيه الفأرة فتموت : يراق قياسا على السمن . وقالوا : بتحريم شحم الخنزير قياسا على لحمه المنصوص عليه ، [ ص: 238 ] وأجمعت الصحابة على خلافة أبي بكر رضي الله عنه ، وقتال مانعي الزكاة . والأصل عدم النص ثم لو كان نص لظهر واحتج به ( وفي قول ) ابن حامد وجمع ( يكفر منكر حكم ) إجماع ( قطعي ) وفي قول القاضي وأبي الخطاب وجمع : لا ، ويفسق ، والطوفي والآمدي ومن تبعهما : يكفر بنحو العبادات الخمس . قال ابن مفلح : واختاره بعض أصحابنا ، مع أنه حكي الأول عن أكثر العلماء ، ولا أظن أحدا لا يكفر من جحد هذا .

انتهى . والحق أن منكر المجمع عليه الضروري والمشهور والمنصوص عليه كافر قطعا . وكذا المشهور فقط لا الخفي . قال في شرح التحرير : في الأصح فيهما .

ومثال الخفي : إنكار استحقاق بنت الابن السدس مع البنت ، وتحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالتها ، وإفساد الحج بالوطء قبل الوقوف بعرفة ونحو ذلك . فهذا لا يكفر منكره لعذر الخفاء ، خلافا لبعض الفقهاء في قوله : إنه يكفر ، لتكذيبه الأمة . ورد بأنه لم يكذبهم صريحا إذا فرض أنه مما يخفى على مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية