الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1240 - (أفضل الأعمال العلم لله إن العلم ينفعك معه قليل العمل وكثيره وإن الجهل لا ينفعك معه قليل العمل ولا كثيره) (الحكيم) عن أنس. (ض)

التالي السابق


(أفضل الأعمال العلم بالله) أي معرفة ما يجب له ويمتنع عليه من الصفات والسلوب والإضافات فالعلم بذلك أفضل الأعمال وأشرف العلوم وأهمها فإنه ما لم يثبت وجود صانع عالم قادر مكلف مرسل للرسل منزل للكتب لم يتصور علم فقه ولا حديث ولا تفسير فجميع العلوم متوقفة على علم الأصول وتوقفها عليه ليس بطريق الخدمة بل الإضافة والرئاسة ومن ثم (عد) رئيس العلوم كلها فمعرفة الله تعالى والعلم به أول واجب مقصود لذاته على المكلف لكن ليس المراد بالمعرفة الحقيقية لأن حقيقته تعالى غير معلومة للبشر ولا العيانية لأنها مختصة بالآخرة عند مانعي الرؤية في الدنيا مطلقا أو لغير نبينا وهم الجلة الأكابر أو لأولي الرتب العلية وقليل ما هم ولا الكشفية فإنها منحة إلهية ولا نكلف بمثلها إجماعا بل البرهانية وهي أن يعلم بالدليل القطعي وجوده تعالى وما يجب له ويستحيل عليه كما تقرر. وسبب الحديث أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال أي الأعمال أفضل قال العلم بالله ثم أتاه فسأله فقال مثل ذلك فقال يا رسول الله إنما أسألك عن العمل فقال (إن العلم ينفعك معه قليل العمل وكثيره) لأن العبادة المعول عليها إنما هي ما كانت عن العلم به فأجل المقاصد وأهم المطالب وأعظم المواهب العلم بالله فهو أشرف ما في الدنيا وجزاؤه أشرف ما في الآخرة وهذا هو الغاية التي تطلب لذاتها إنما يشعر تمام الشعور بأن ذلك غير السعادة إذا انكشف له الغطاء وفارق الدنيا ودخل الآخرة وأما في الدنيا فإن شعر فبعض شعور قال بعضهم لا ينبغي لعاقل أن يأخذ من العلوم إلا ما يصحبه إلى البرزخ لا ما يفارقه عند انتقاله إلى عالم الآخرة وليس المنتقل معه إلا العلم بالله والعلم بمواطن الآخرة حتى لا ينكر التجليات الواقعة فيها ولا طريق لذلك إلا بالخلوة والرياضة والمجاهدة أو الجذب الإلهي (وأن [ ص: 28 ] الجهل لا ينفعك معه قليل العمل ولا كثيره) لأن العلم هو المصحح للعمل والناس بمعرفته يرشدون وبجهله يضلون فلا تصح إذا عبادة جهل فاعلها صفات أدائها ولم يعلم شروط إجزائها. وفي طيه حث على أنه ينبغي للعاقل أن ينفي عن نفسه رذائل الجهل بفضائل العلم وغفلة الإهمال بإسقاط المعاناة ويرغب في العلم رغبة متحقق لفضائله واثق بمنافعه ولا يلهيه عن طلبه كثرة مال وجدة ولا نفوذ أمر وعلو قدر فإن من نفد أمره فهو إلى العلم أحوج ومن علت منزلته فهو بالعلم أحق انتهى قال ابن حجر وفيه أن العلم بالله ومعرفة ما يجب من حقه أعظم قدرا من مجرد العبادة البدنية

( الحكيم) الترمذي في النوادر (عن أنس) قال الزين العراقي وسنده ضعيف انتهى فكان على المصنف استيعاب مخرجيه إيماء إلى تقويته فمنهم ابن عبد البر وغيره.




الخدمات العلمية