الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      490 حدثنا سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب قال حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري أن عليا رضي الله عنه مر ببابل وهو يسير فجاءه المؤذن يؤذن بصلاة العصر فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة فلما فرغ قال إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي في المقبرة ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أزهر وابن لهيعة عن الحجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري عن علي بمعنى سليمان بن داود قال فلما خرج مكان فلما برز [ ص: 119 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 119 ] ( ابن لهيعة ) بفتح اللام وكسر الهاء هو عبد الله ضعيف ( ويحيى بن أزهر ) البصري مولى قريش صدوق من السابعة مات سنة إحدى وستين قال في التقريب ( المرادي ) نسبة إلى المراد وهو قبيلة ( مر ببابل ) أبو عبيد البكري : بابل بالعراق مدينة السحر معروفة . وقال الجوهري : بابل اسم موضع بالعراق ينسب إليه السحر والخمر . وقال الأخفش : لا ينصرف لتأنيثه قاله العيني ( يؤذنه ) من الإيذان ( فلما برز منها ) أي فلما خرج علي من بابل ( فلما فرغ ) أي علي من الصلاة ( قال إن حبي ) يعني النبي صلى الله عليه وسلم ( أن أصلي في المقبرة ) قال العيني . المقبرة بضم الباء هو المسموع والقياس فتح الباء ، وفي شرح الهادي أن ما جاء على مفعلة بالضم يراد بها أنها موضوعة لذلك ومتخذة له ، فإذا قالوا المقبرة بالفتح أرادوا مكان الفعل وإذا ضموا أرادوا البقعة التي من شأنها أن يقبر فيها ، وكذلك المشربة والمشربة ( ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة ) أي أرض بابل مغضوبة عليها . قال الخطابي : في إسناد هذا الحديث مقال ، ولا أعلم أحدا من العلماء حرم الصلاة في أرض بابل ، وقد عارضه ما هو أصح منه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ويشبه أن يكون معناه إن ثبت أنه نهى أن تتخذ أرض بابل وطنا ودارا للإقامة ، فتكون صلاته فيها إذا كانت إقامته بها ، ويخرج هذا النهي فيه على الخصوص ، ألا تكاثرت يقول : نهاني ، ولعل ذلك منه إنذار مما أصابه من المحنة في الكوفة وهي أرض بابل ولم ينتقل قبله أحد من الخلفاء الراشدين عن المدينة انتهى .

                                                                      وقال الحافظ في الفتح : روى ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن أبي المحلي وهو بضم الميم وكسر المهملة وتشديد اللام قال : كنا مع علي فمررنا على الخسف الذي ببابل فلم يصل حتى أجازه ، أي تعداه . ومن طريق أخرى عن علي قال : ما كنت لأصلي في أرض خسف الله بها ثلاث مرار والظاهر أن قوله : " ثلاث مرار " ليس متعلقا بالخسف لأنه ليس فيها إلا خسف واحد ، وإنما أراد أن عليا قال ذلك ثلاثا ، والمراد بالخسف هنا ما ذكر الله تعالى في قوله : فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم الآية . ذكر [ ص: 120 ] أهل التفسير والأخبار أن المراد بذلك أن النمرود بن كنعان بنى ببابل بنيانا عظيما يقال إن ارتفاعه كان خمسة آلاف ذراع فخسف الله بهم . قال الخطابي : لا أعلم أحدا من العلماء حرم الصلاة في أرض بابل فإن كان حديث علي ثابتا فلعله نهاه أن يتخذها وطنا لأنه إذا أقام بها كانت صلاته فيها يعني أطلق الملزوم وأراد اللازم . قال : فيحتمل أن النهي خاص بعلي إنذارا له مما لقي من الفتنة بالعراق . قلت : وسياق قصة علي الأولى يبعد هذا التأويل والله أعلم . انتهى .

                                                                      قال المنذري : أبو صالح هو سعيد بن عبد الرحمن الغفاري مولاهم البصري . قال ابن يونس : يروي عن علي بن أبي طالب وما أظنه سمع من علي ، ويروي عن أبي هريرة وهيب بن مغفل وصله ابن الحارث . انتهى . قال العيني قال ابن القطان : في سند هذا الحديث رجال لا يعرفون ، وقال عبد الحق : وهو حديث واه . وقال البيهقي في المعرفة : إسناده غير قوي . انتهى .

                                                                      ( بمعنى سليمان بن داود ) أي بمعنى حديث سليمان ( قال ) أي أحمد بن صالح ( فلما خرج مكان ) أي بدل لفظ فلما برز .




                                                                      الخدمات العلمية