الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      543 حدثنا أحمد بن علي بن سويد بن منجوف السدوسي حدثنا عون بن كهمس عن أبيه كهمس قال قمنا إلى الصلاة بمنى والإمام لم يخرج فقعد بعضنا فقال لي شيخ من أهل الكوفة ما يقعدك قلت ابن بريدة قال هذا السمود فقال لي الشيخ حدثني عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال كنا نقوم في الصفوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا قبل أن يكبر قال وقال إن الله وملائكته يصلون على الذين يلون الصفوف الأول وما من خطوة أحب إلى الله من خطوة يمشيها يصل بها صفا [ ص: 186 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 186 ] ( ما يقعدك ) من الإقعاد وما الموصولة أي أي شيء يجلسك ، والمعنى لم تنتظرون الإمام جالسين ولا تنتظرونه قائمين . قال كهمس ( قلت ) مجيبا له ( هذا ) أي قال ابن بريدة انتظار الناس للإمام قياما ( السمود ) كأن ابن بريدة كره هذا الفعل كما كرهه علي رضي الله عنه وهو موضع الترجمة . قال ابن الأثير في النهاية : في حديث علي أنه خرج والناس ينتظرونه للصلاة قياما ، فقال ما لي أراكم سامدين ، السامد المنتصب إذا كان رافعا رأسه ناصبا صدره أنكر عليهم قيامهم قبل أن يروا إمامهم ، وقيل السامد القائم في تحير . انتهى . قال الخطابي : السمود يفسر على وجهين أحدهما أن يكون بمعنى الغفلة والذهاب عن الشيء ، يقال رجل سامد هامد أي لاه غافل ، ومن هذا قول الله تعالى : وأنتم سامدون أي لاهون ساهون ، وقد يكون السامد أيضا الرافع رأسه قال أبو عبيدة : ويقال منه سمد يسمد ويسمد سمودا ، وروي عن علي أنه خرج والناس ينتظرونه قياما للصلاة ، فقال ما لي أراكم سامدين . وحكي عن إبراهيم النخعي أنه قال : كانوا يكرهون أن ينتظروا الإمام قياما ولكن قعودا وتقولون ذلك السمود ( فقال لي الشيخ ) مقصود الشيخ رد قول ابن بريدة ( كنا نقوم في الصفوف ) لا يدل على أن قيامهم كان انتظار النبي صلى الله عليه وسلم ، بل يجوز أن يكون بعد حضوره صلى الله عليه وسلم ، ولو سلم فإسناد الحديث لا يخلو عن جهالة إذ الشيخ غير معلوم فلا يعارض حديث فلا تقوموا حتى تروني والله أعلم . قاله في فتح الودود ( قال ) أي البراء ( وقال ) النبي صلى الله عليه وسلم ( على الذين يلون ) أي يقومون . قال ابن الملك : أو يباشرون ويتولون ( الصفوف الأول ) بضم الهمزة وفتح الواو المخففة جمع أول ؛ أي فالأفضل الأول فالأول ( وما من خطوة ) قال العيني : رويناه بفتح الخاء ، وهي المرة الواحدة . وقال القرطبي : الرواية بضم الخاء وهي واحدة الخطى ، وهي ما بين القدمين ، والتي بالفتح مصدر . انتهى . ومن زائدة وخطوة اسم ما وقوله ( أحب إلى الله ) بالنصب [ ص: 187 ] خبره والأصح رفعه فهو اسمه ، ومن خطوة خبره . قاله علي القاري ( من خطوة ) متعلق بأحب ( يمشيها ) بالغيبة صفة خطوة أي يمشيها الرجل وكذا ( يصل بها صفا ) وقيل بالخطاب فيهما والضميران للخطوة .

                                                                      ( أقيمت الصلاة ) : أي صلاة العشاء ، بينه حماد عن ثابت عن أنس عند مسلم . وقال العيني : ودلت القرينة أيضا أنها كانت صلاة العشاء وهي قوله حتى نام القوم ( نجي : أي يناجي ويحادث رجلا . وفي رواية البخاري يناجي رجلا . قال الحافظ في الفتح : لم أقف على اسم هذا الرجل ، وذكر بعض الشراح أنه كان كبيرا في قومه ، فأراد أن يتألفه على الإسلام ولم أقف على مستند ذلك . انتهى . قال الخطابي : قوله نجي أي مناج رجلا كما قالوا نديم بمعنى منادم ووزير بمعنى موازر ، وتناجى القوم إذا دخلوا في حديث سر ، وهم نجوى أي متناجون وفيه من الفقه أنه قد يجوز له تأخير الصلاة عن أول وقتها لأمر يحدثه ، ويشبه أن يكون نجواه في مهم من أمر الدين لا يجوز تأخيره ، وإلا لم يكن يؤخر الصلاة حتى ينام القوم لطول الانتظار له . والله أعلم . ( حتى نام القوم : قال " الحافظ في الفتح : زاد شعبة عن عبد العزيز " ثم قام فصلى " ، أخرجه مسلم ووقع عند إسحاق ابن راهويه في مسنده عن ابن علية عن عبد العزيز في هذا الحديث " حتى نعس بعض القوم " وكذا هو عند ابن حبان من وجه آخر عن أنس ، وهو يدل على أن النوم المذكور لم يكن مستغرقا انتهى . وقوله حتى نام القوم هو محل الترجمة . قال المنذري : " والحديث أخرجه البخاري ومسلم والنسائي .



                                                                      الخدمات العلمية