الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      756 حدثنا محمد بن محبوب حدثنا حفص بن غياث عن عبد الرحمن بن إسحق عن زياد بن زيد عن أبي جحيفة أن عليا رضي الله عنه قال من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن أبي جحيفة أن عليا قال السنة إلخ ) واعلم أن حديث علي هذا لا يوجد في بعض نسخ أبي داود ولكنه ثابت في نسخة ابن الأعرابي وغيرها . قال الحافظ جمال الدين المزي في تحفة الأشراف في معرفة الأطراف : إن حديث من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة أخرجه أبو داود عن محمد بن محمود عن حفص بن غياث عن عبد الرحمن بن إسحاق عن زياد بن زيد عن وهب بن عبد الله أبي جحيفة السوائي عن علي ، لكن هذا الحديث واقع في رواية أبي سعيد الأعرابي وابن داسة وغير واحد عن أبي داود ولم يذكره أبو القاسم ، انتهى . ولعل الحافظ الزيلعي لم يطلع على النسخ التي فيها هذا الحديث ولذا قال في تخريج أحاديث الهداية إن هذا الحديث لم يوجد فيما رأيته من نسخ أبي داود . انتهى .

                                                                      والحديث قد أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده بسند واحد وابنه عبد الله في زيادات المسند وابن شيبة في مصنفه والدارقطني في سننه بثلاثة أسانيد والبيهقي في سننه [ ص: 346 ] بإسنادين ، لكنه مع كثرة المخرجين والأسانيد ضعيف لأن طرقها كلها تدور على عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي . قال أحمد بن حنبل وأبو حاتم عبد الرحمن بن إسحاق الحارث أبو شيبة الواسطي منكر الحديث . وقال ابن معين ليس بشيء . وقال البخاري فيه نظر . وقال النووي هو ضعيف بالاتفاق . وقال البيهقي : تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو متروك . والحديث استدل به من قال : إن الوضع يكون تحت السرة وهو أبو حنيفة وسفيان الثوري وإسحاق ابن راهويه وأبو إسحاق المروزي من أصحاب الشافعي وقد عرفت أن الحديث ضعيف لا يصلح للاستدلال . وذهب الشافعية . قال النووي وبه قال الجمهور إلى أن الوضع يكون تحت صدره فوق سرته . وعن أحمد روايتان كالمذهبين ، ورواية ثالثة أنه يخير بينهما ولا ترجيح وبالتخيير ، قال الأوزاعي وابن المنذر . قال ابن المنذر في بعض تصانيفه : لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء فهو مخير ، وعن مالك روايتان إحداهما يضع تحت صدره والثانية يرسلهما ولا يضع إحداهما على الأخرى . كذا قال الشوكاني قلت : جاء عن الشافعي في الوضع ثلاث روايات إحداها أنه يضع يده اليمنى على يده اليسرى تحت الصدر فوق السرة ، والثانية أن يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره وهي الرواية التي نقلها صاحب الهداية عن الشافعي . وقال العيني : إنها المذكور في الحاوي من كتبهم ، والثالثة أن يضع يده تحت السرة . ذكر هذه الروايات الثلاث العلامةهاشم السندي في بعض رسائله في هذه المسألة ، ثم قال العلامة الشوكاني : واحتجت الشافعية لما ذهبت إليه بما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه وصححه من حديث وائل بن حجر قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره وهذا الحديث لا يدل على ما ذهبوا إليه لأنهم قالوا : إن الوضع يكون تحت الصدر كما تقدم . والحديث مصرح بأن الوضع على الصدر . انتهى .

                                                                      قلت : وأما الرواية التي نقلها صاحب الهداية عن الإمام الشافعي فيدل عليها هذا الحديث ولا شيء في الباب أصح من حديث وائل المذكور . وقد قال الإمام الشافعي إذا صح الحديث فهو مذهبي ، وسيأتي بعض المباحث المتعلقة بحديث وائل المذكور في آخر الباب .




                                                                      الخدمات العلمية