الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 108 ] وقوله: يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر : يجوز أن يكون المعنى: أنهم يجدونه في التوراة والإنجيل موصوفا بهذا الوصف، ويجوز أن يكون ذلك مستأنفا.

                                                                                                                                                                                                                                      ويحل لهم الطيبات أي: ما حرم عليهم من الطعام.

                                                                                                                                                                                                                                      ويحرم عليهم الخبائث أي: الحرام.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في: (الإصر).

                                                                                                                                                                                                                                      والأغلال التي كانت عليهم : تمثيل؛ لأنهم كلفوا أشياء صارت عليهم بمنزلة الأغلال.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم معنى {وعزروه}.

                                                                                                                                                                                                                                      واتبعوا النور الذي أنـزل معه يعني: ما جاء به، وهو في البيان بمنزلة النور، ومعنى أنـزل معه : أنزل مع بعثه؛ فحذف المضاف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: الذي يؤمن بالله وكلماته أي: يؤمن بما أنزله الله عليه، وعلى الأنبياء من قبله، وقيل: المعنى: يؤمن بعيسى.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون : روي: أنه لما وقع الاختلاف بعد موسى؛ كانت منهم أمة يهدون بالحق، فصار لهم سرب في الأرض، فمشوا فيه سنة ونصف سنة، حتى خرجوا وراء الصين، فهم على الحق إلى الآن، وبين الناس بينهم بحر لا يوصل إليهم بسببه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 109 ] وبه يعدلون أي: يحكمون أحكامهم العدلة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما أي: اثنتي عشرة فرقة أسباطا، فقوله: {أسباطا}: نعت لـ (فرقة)، أو بدل من اثنتي عشرة ، و أمما : نعت لقوله: أسباطا ، وتقدم ذكر الأسباط، وتقدم ذكر الحجر، والمن، والسلوى، ودخول الباب سجدا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر : قال الزهري : هي طبرية، ابن عباس : هي أيلة، وعنه أيضا: أنها مدين.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : هي ساحل من سواحل مدين بين مدين وعينونة، يقال لها: مقناة، وأمر الله تعالى بسؤالهم عنها على جهة التقرير لهم والتوبيخ؛ لأنهم يعلمون ذلك من عصيان آبائهم، وهم مقيمون على دينهم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 110 ] إذ يعدون في السبت : قد قدمنا أنهم حبسوا الحيتان في السبت، وأخذوها يوم الأحد.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى قوله: {شرعا} في قول ابن عباس : ظاهرة على الماء.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : تشرع على أبوابهم كالكباش البيض، وروي: أن ذلك كان في زمن داود عليه السلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما ... الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      هذا قول الفاعلين للواعظين حين وعظوهم، قالوا لهم: إذا علمتم أن الله مهلكنا أو معذبنا؛ فلم تعظوننا؟ فمسخهم الله قردة.

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا معذرة إلى ربكم أي: قال الواعظون: موعظتنا إياكم معذرة إلى ربكم، إنما يجب علينا أن نعظكم لعلكم تتقون.

                                                                                                                                                                                                                                      فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء معنى: {نسوا}: تركوا، وقيل: تعرضوا للنسيان.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس : قال ابن عباس : أي: شديد من العذاب.

                                                                                                                                                                                                                                      فلما عتوا عن ما نهوا عنه أي: تمردوا، وأعرضوا عن اتباع الحق.

                                                                                                                                                                                                                                      قلنا لهم كونوا قردة خاسئين : قيل: قال لهم ذلك بكلام يسمع، فكانوا كذلك، وقيل: المعنى: كوناهم قردة.

                                                                                                                                                                                                                                      ؟

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 111 ] وإذ تأذن ربك أي: أعلم، عن الحسن ، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في: يسومهم سوء العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقطعناهم في الأرض أمما أي: فرقا؛ أي: شتتناهم، وأذهبنا عزهم وملكهم.

                                                                                                                                                                                                                                      منهم الصالحون يعني: المؤمنين، ومنهم دون ذلك : قيل: هم مؤمنون لم يلحقوا بالصالحين، وصفوا بذلك قبل أن يكفروا، وقيل: عنى بذلك الكفار.

                                                                                                                                                                                                                                      وبلوناهم بالحسنات والسيئات أي: اختبرناهم بالنعم والنقم؛ ليرجعوا عن معاصيهم.

                                                                                                                                                                                                                                      فخلف من بعدهم خلف : قال مجاهد : يعني: النصارى، وقيل: خلف من بعدهم أبناؤهم.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الخلف): الولد، ويستعمل للواحد وأكثر منه، والمذكر والمؤنث، وأكثر ما يستعمل بإسكان اللام في الذم، وفي المدح بفتحها، وقيل: إن (الخلف) مشتق من (خلف اللبن) ؛ إذا طال مكثه حتى يفسد، ومنه: (خلف فم الصائم) ؛ إذا تغير ريحه.

                                                                                                                                                                                                                                      يأخذون عرض هذا الأدنى أي: يأخذون الرشا على الأحكام.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 112 ] وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه : قال مجاهد ، والحسن ، وغيرهما: يعني: أنهم لا يشبعون من أخذ الرشا.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : يأتيهم المحق برشوة، فيخرجون له كتاب الله، فيحكمون له، [فإذا جاء المبطل؛ أخذوا منه الرشوة، وأخرجوا كتابهم الذي كتبوه بأيديهم، وحكموا له].

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير : المعنى: يعملون بالذنب، ثم يستغفرون منه، فإن عرض لهم ذنب آخر؛ ركبوه.

                                                                                                                                                                                                                                      و (العرض) في اللغة: ما قل لبثه.

                                                                                                                                                                                                                                      ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق : قال ابن عباس : يعني: في غفران ذنوبهم الذي يوجبونه، ويقطعون به.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : يعني: في الأحكام التي يحكمون بها.

                                                                                                                                                                                                                                      ودرسوا ما فيه أي: قرؤوه، وهم قريبو عهد به.

                                                                                                                                                                                                                                      والذين يمسكون بالكتاب أي: يتبعون ما فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      إنا لا نضيع أجر المصلحين أي: أجر المصلحين منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية