الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن أي: ذو أذن، يصغي إلى كل أحد، عن ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: قل أذن خير لكم : [أي: هو أذن خير لكم]، لا أذن شر؛ أي: يسمع الخير، ولا يسمع الشر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 274 ] يؤمن بالله أي: فهو يعمل بالحق؛ لإيمانه بالله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      ويؤمن للمؤمنين أي: يصدقهم، عن ابن عباس؛ فأعلم الله تعالى أنه يصدق المؤمنين، ولا يصدق المنافقين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن دخول اللام في قوله: {للمؤمنين} كدخولها في قوله: ردف لكم [النمل: 72]، وقد تقدم القول في نظائره.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: هؤلاء قوم ذكروا النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: نقول فيه، ثم نحلف؛ فيصدقنا؛ فنزلت الآية فيهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن قائل ذلك نبتل بن الحارث؛ وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن ينظر إلى الشيطان؛ فلينظر إلى نبتل بن الحارث"، وروي: أنه كان جسيما، ثائر شعر الرأس واللحية، أسفع الخدين، أحمر العينين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: والله ورسوله أحق أن يرضوه : مذكور في الإعراب.

                                                                                                                                                                                                                                      ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله أي: يعاديه، فيكون في حد غير حده؛ فأن له نار جهنم أي: فله نار جهنم، و (أن) تكرير، وقيل: التقدير: فلأن له نار جهنم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 275 ] وقوله تعالى: يحذر المنافقون أن تنـزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم : هذا خبر عن المنافقين، عن الحسن ومجاهد، وقال الزجاج: معناه: ليحذر؛ فهو أمر في اللفظ، وتهدد في المعنى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب : نزلت في أربعة نفر، رآهم النبي صلى الله عليه وسلم في رجوعه من تبوك يسيرون بين يديه وهم يضحكون، فنزل عليه الوحي بأنهم يستهزئون بالله ورسوله، فبعث عمار بن ياسر، وقال له: "أدركهم قبل أن يحترقوا، وسلهم: مم يضحكون؟ فإنهم سيقولون: مما يخوض فيه الركب"، فلحقهم، وسألهم، فقالوا له ذلك، وكان يسايرهم رجل لم يخض معهم، ولم ينههم، وهو المراد في قوله: إن نعف عن طائفة منكم ، والآخرون هم الذين قال فيهم: نعذب طائفة ، وجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعتذرون؛ فأنزل الله تعالى: لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي: أن اسم المعفو عنه: مخشي بن حمير الأشجعي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض : قيل: هذا متصل بقوله تعالى: ويحلفون بالله إنهم لمنكم ؛ فالمعنى: بعضهم من بعض في [ ص: 276 ] اجتماعهم على النفاق و يأمرون بالمنكر أي: بالكفر، وينهون عن المعروف أي: عن الإيمان.

                                                                                                                                                                                                                                      ويقبضون أيديهم أي: عن الإنفاق في سبيل الله، عن مجاهد، والحسن.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: عن كل خير.

                                                                                                                                                                                                                                      نسوا الله فنسيهم أي: تركوا أمره؛ فتركهم من رحمته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار : [فرق بين المنافقين والكفار]، مع كون كل نفاق كفرا؛ ليعلم أن المراد: من دخل في الإسلام بظاهره دون باطنه، ومن لم يدخل فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      هي حسبهم أي: كافية ذنوبهم، وجزاء أعمالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولهم عذاب مقيم أي: دائم لا يزول.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: كالذين من قبلكم : التشبيه واقع على المنافقين، شبهوا بمن كان قبلهم من الكفار.

                                                                                                                                                                                                                                      الطبري: المعنى: تستهزئون كاستهزاء الذين من قبلكم.

                                                                                                                                                                                                                                      فاستمتعوا بخلاقهم أي: بنصيبهم في الدنيا، قتادة: بذنوبهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وخضتم كالذي خاضوا أي: خضتم في الباطل، وهو خروج من الغيبة [ ص: 277 ] إلى الخطاب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية