الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6847 [ ص: 475 ] 3208 - (6886) - (2 \ 202) عن نضلة بن طريف: أن رجلا منهم، يقال له: الأعشى، واسمه: عبد الله بن الأعور، كانت عنده امرأة يقال لها: معاذة، خرج في رجب يمير أهله من هجر، فهربت امرأته بعده، ناشزا عليه، فعاذت برجل منهم، يقال له: مطرف بن بهصل بن كعب بن قميشع بن دلف بن أهضم بن عبد الله، فجعلها خلف ظهره، فلما قدم، ولم يجدها في بيته، وأخبر أنها نشزت عليه، وأنها عاذت بمطرف بن بهصل، فأتاه فقال: يا ابن عم، أعندك امرأتي معاذة؟ فادفعها إلي، قال: ليست عندي، ولو كانت عندي لم أدفعها إليك، قال: وكان مطرف أعز منه، فخرج حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فعاذ به، وأنشأ يقول:


يا سيد الناس وديان العرب إليك أشكو ذربة من الذرب     كالذئبة الغبشاء في ظل السرب
خرجت أبغيها الطعام في رجب     فخلفتني بنزاع وهرب
أخلفت العهد ولطت بالذنب     وقذفتني بين عيص مؤتشب
وهن شر غالب لمن غلب



فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: " وهن شر غالب لمن غلب " فشكا إليه امرأته وما صنعت به، وأنها عند رجل منهم يقال له: مطرف بن بهصل، فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم: " إلى مطرف، انظر امرأة هذا معاذة، فادفعها إليه "، فأتاه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقرئ عليه، فقال لها: يا معاذة، هذا كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فيك، فأنا دافعك إليه، قالت: خذ لي عليه العهد والميثاق وذمة نبيه: لا يعاقبني فيما صنعت، فأخذ لها ذاك عليه، ودفعها مطرف إليه، فأنشأ يقول:

[ ص: 476 ]

لعمرك ما حبي معاذة بالذي     يغيره الواشي ولا قدم العهد
ولا سوء ما جاءت به إذ أزالها     غواة الرجال، إذ يناجونها بعدي



التالي السابق


* قوله: "يمير أهله": أي: يطلب لهم الطعام.

* "فجعلها خلف ظهره": أي: أعاذها من زوجها.

* "كالذئبة": تأنيث الذئب.

* "الغبساء": - بغين معجمة وباء موحدة وسين مهملة - من الغبس، وهو لون كلون الرماد، وهو بياض فيه كدرة، يقال: ذئب أغبس.

وفي "المجمع": الذئبة الغبساء؛ أي: الغبراء.

* "بين عيص": - بكسر عين مهملة - قيل: أصل الشجر، وقيل: الشجر الكثير الملتف.

* "مؤتشب": من الأشب، وهو كثرة الأشجار؛ أي: ملتف.

* وقوله: "إذ أزالها": متعلق بالسوء، أو جاءت به؛ أي: أزالها عما عليه من الخير، وهذا بمنزلة الاعتذار منها، والتعريض لمطرف، والله تعالى أعلم.

وفي "المجمع": رواه عبد الله بن أحمد، والطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم.

* * *




الخدمات العلمية