الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يوم ندعوا كل أناس بإمامهم : قال ابن عباس، والحسن، والضحاك: أي: بكتابهم; أي: بكتاب كل إنسان منهم الذي فيه عمله، وقال ابن زيد: الكتاب المنزل عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد، وقتادة: بنبيهم.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: المعنى: بمن كانوا يأتمون به في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى : قال ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما: المعنى: من كان في أمر هذه الدنيا أعمى عن اعتقاد الصواب الذي تقتضيه شواهدها; فهو في الآخرة الغائبة عنه أعمى، وأضل عنه سبيلا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: من [عمي عن النعم التي أنعم بها عليه في الدنيا، فهو عن نعم الآخرة أعمى.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 128 ] وقيل: المعنى: من] كان في الدنيا التي أمهل له فيها وفسح له ووعد بقبول التوبة أعمى; فهو [في الآخرة التي لا توبة فيها أعمى.

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى في قوله: فهو في الآخرة أعمى ] في جميع الأقوال: أشد عمى; لأنه من عمى القلب، ولا يقال مثله في عمى العين، قال الخليل وسيبويه: لأنه خلقة بمنزلة اليد والرجل; فلم يقل: (ما أعماه!) كما لا يقال: (ما أيداه) .

                                                                                                                                                                                                                                      الأخفش: لم يقل ذلك فيه; لأن فعله على أكثر من ثلاثة أحرف، وأصله: (اعماي) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: لم يقل فيه: (ما أعماه!) ; للفرق بينه وبين عمى القلب، كما لم يقولوا في سواد اللون: (ما أسوده!) ; للفرق بينه وبين السؤدد، ثم أتبع ذلك سائر الباب; لئلا يختلف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أجاز بعض النحويين: (ما أعماه!) ، و (ما أعشاه!) ; لأن فعلهما (عمي) ، و (عشي) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 129 ] وقوله: وأضل سبيلا يعني: أنه لا يجد طريقا إلى الهداية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره : قال مجاهد، وقتادة: سألوه أن يمس آلهتهم في طوافه، وقالوا له: لا ندعك تستلم الحجر حتى تلم بآلهتنا، فقال: "وما علي أن أفعل ذلك والله يعلم ما في نفسي"، ثم عصمه الله تعالى عن ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: هم بإنظار ثقيف بالإسلام إلى أن يقبضوا ما أهدي لآلهتهم، ثم يسلموا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو قول أكابر قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد عنا هؤلاء السقاط والموالي حتى نجلس معك، ونسمع منك; فهم بذلك، حتى نهي عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا لاتخذوك خليلا أي: لو فعلت ما أرادوه منك; لاتخذوك خليلا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية