الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله : روي عن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، وتلا هذه الآية، وروي معناه عن عمر بن الخطاب، وابن عباس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله : (النكاح) ههنا: اسم لما ينكح به من المهر والنفقة، وقيل له: (نكاح) ; كما قيل لما يلتحف به: (لحاف) ، ولما يلبس: (لباس) ، وأمر من لم يجد ذلك بأن يستعفف عن الحرام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم : (الكتاب) ، و (المكاتبة) : سواء; كـ (القتال) ، و (المقاتلة) .

                                                                                                                                                                                                                                      والآية عند كثير من العلماء على الإيجاب، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس، وغيرهما، واختاره الطبري.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب مالك: أنه ليس على السيد أن يكاتب عبده إيجابا، وله أن يكره عبده على المكاتبة إذا كان على وجه النظر منه للعبد، كما له أن يؤاجره السنة [ ص: 541 ] والسنتين، ويأخذ الأجرة والعبد على رقه، فإن حمله ما لا يطيق، أو ما يطيقه على مشقة; لم يجز ذلك، فالآية عند مالك على الندب، وهو مذهب الثوري، والشافعي، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إن علمتم فيهم خيرا : (الخير) في قول ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما: المال.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن: الدين، والأمانة.

                                                                                                                                                                                                                                      النخعي: الصدق، والوفاء.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير: المعنى: إذا علمتم أنهم يريدون بذلك الخير.

                                                                                                                                                                                                                                      عبيدة السلماني: المعنى: إن أقاموا الصلاة.

                                                                                                                                                                                                                                      و(الخير) عند مالك: القوة على الأداء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم : قال علي رضى الله عنه: يسقط السيد عن المكاتب الربع، ابن مسعود: الثلث.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير: يسقط عنه شيئا، ولم يحده، وهو قول الشافعي، واستحسنه الثوري، قال الشافعي: و (الشيء) أقل شيء يقع عليه اسم شيء، ويجبر عليه السيد، ويحكم به الحاكم على الورثة إن مات السيد.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 542 ] قتادة: يوضع عنه العشر.

                                                                                                                                                                                                                                      مالك: يوضع عنه شيء من نجومه، يحض عليه السيد، ولا يجبر، فالأمر عنده ندب، وهو قول الحسن، والنخعي، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      ورأى بعض العلماء: أن يعطيه من ماله من غير مال المكاتبة ما يستعين به على كتابته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن الأمر لغير الموالي، أمر الله ـ تعالى ـ الناس أن يعطوا المكاتب من الزكاة ما يستعين به على كتابته; فالضميران على هذا مختلفان.

                                                                                                                                                                                                                                      ومسائل المكاتبة مبسوطة في "الكبير".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية