الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقرآن الفجر أي: وأقم قرآن الفجر، وسميت صلاة الفجر قرآنا; لأنها تكون بالقرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كان مشهودا : قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار"، وقاله ابن عباس، وقتادة، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 133 ] وقوله تعالى: ومن الليل فتهجد به نافلة لك : (التهجد) : السهر، و (الهجود) : النوم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الأسود، وعلقمة: التهجد يكون بعد نوم، وهذا من السلب، [ومعنى (تهجد) : زال عن الهجود، وقد تقدم القول في نظائره].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: نافلة لك : قال ابن عباس: كتبت عليه; لتكون فضيلة له، ولم تكتب على غيره.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: هي له فضيلة، ولغيره كفارة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معنى نافلة لك : زيادة لك، وعطية من الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنما قيل له: نافلة لك ]; لأنه صلى الله عليه وسلم قد غفرت له ذنوبه، فهذه النافلة زيادة; لأنه لا يعملها في كفارة الذنوب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا : قال ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما: يعني: الشفاعة، وعن مجاهد أيضا: المعنى: أن الرب تعالى يجلسه معه [ ص: 134 ] على عرشه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم أن {عسى} من الله واجبة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق : قال ابن عباس وغيره: يعني: إدخاله المدينة، وإخراجه من مكة.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك: خروجه من مكة، [ودخوله مكة عام الفتح آمنا.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: يعني: دخوله في الرسالة، وخروجه من مكة].

                                                                                                                                                                                                                                      أبو صالح: مدخل صدق : الإسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: مدخل صدق : المدينة، و مخرج صدق : خروجه إلى بدر، وكان الله تعالى أعلمه أنه سيخرج إليها لقتال المشركين.

                                                                                                                                                                                                                                      واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا : قال الشعبي، وعكرمة: حجة ثابتة، وقال الحسن: عزا يتمنع به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وقل جاء الحق وزهق الباطل : قال قتادة: {الحق} : القرآن، و {الباطل} : الشيطان، ومعنى {زهق} : هلك.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: {زهق} : ذهب وقيل: {الحق} : قتال المشركين، و {الباطل} : شركهم، عن ابن جريج.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 135 ] وقيل: أمر أن يقول ذلك حين دخل مكة، قال ابن مسعود: فكان يقوله ويطعن الأصنام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وننـزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين أي: لما فيه من البيان والهدى.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يزيد الظالمين إلا خسارا أي: لأنهم كفروا به، وحرموا منافعه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه : {الإنسان} : اسم للجنس، والمراد به: الكفار، ومعنى {أعرض} أي: أعرض عن إنعام الله تعالى عليه بإعراضه عن القرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {نأى} : تباعد، و {ناء} : مقلوب منه; والمعنى: بعد عن القيام بحقوق الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا مسه الشر كان يئوسا : قال ابن عباس، وقتادة: أي: قنوطا من الفرج والروح.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 136 ] قل كل يعمل على شاكلته : مجاهد: على طبيعته.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك: على ناحيته.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: على دينه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: على طريقته ومذهبه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: قل: كل يعمل على ما هو أشكل عنده، وأولى بالصواب في اعتقاده.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو مأخوذ من (الشكل) ; وهو المثل، والنظير، والضرب، كقوله: وآخر من شكله أزواج [ص: 58].

                                                                                                                                                                                                                                      و (الشكل) ; بكسر الشين: الهيئة، يقال: (جارية حسنة الشكل) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى الآية: قل: كل يعمل على ما هو أشكل عنده، وليس ينبغي أن يكون كذلك، إنما ينبغي أن يتحرى الحق حيث كان.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي: أن هاتين الآيتين نزلتا في الوليد بن المغيرة، ثم هي في كل من كان مثله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية