الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1199 حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا حدثنا يحيى عن ابن جريج ح و حدثنا خشيش يعني ابن أصرم حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن بابيه عن يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب أرأيت إقصار الناس الصلاة وإنما قال تعالى إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا فقد ذهب ذلك اليوم فقال عجبت مما عجبت منه فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا أخبرنا ابن جريج سمعت عبد الله بن أبي عمار يحدث فذكره نحوه قال أبو داود رواه أبو عاصم وحماد بن مسعدة كما رواه ابن بكر

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عبد الله بن بابيه ) بموحدة فألف فموحدة ثانية مفتوحة فمثناة تحت ويقال باباه كذا في المغني ( عن يعلى بن أمية ) : مصغرا ، أسلم يوم الفتح وشهد حنينا والطائف وتبوك ( ذهب ذلك اليوم ) : أي وذهب الخوف فما وجه القصر ( عجبت مما عجبت منه ) : وفي رواية لمسلم " عجبت ما عجبت منه " والرواية الأولى هي المشهورة المعروفة . قاله النووي ( فقال صدقة ) إلخ : أي صلاة القصر صدقة من الله تعالى . وفيه جواز قول القائل : تصدق الله علينا واللهم تصدق علينا ، وقد كرهه بعض السلف ، قال النووي : وهو غلط ظاهر .

                                                                      واعلم أنه قد اختلف أهل العلم : هل القصر واجب أم رخصة والتمام أفضل ، فذهب إلى الأول الحنفية ، وروي عن علي وعمر ونسبه النووي إلى كثير من أهل العلم . قال الخطابي في المعالم : كان مذاهب أكثر علماء السلف وفقهاء الأمصار على أن القصر هو الواجب في السفر ، وهو قول علي وعمر وابن عمر وابن عباس ، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز وقتادة والحسن ، وقال حماد بن أبي سليمان : يعيد من يصلي في السفر أربعا ، وقال مالك : يعيد ما دام في الوقت . انتهى كلام الخطابي . وإلى الثاني الشافعي ومالك وأحمد . قال النووي وأكثر العلماء ، وروي عن عائشة وعثمان وابن عباس . قال ابن المنذر : وقد أجمعوا على أنه لا يقصر في الصبح ولا في المغرب . قال النووي : ذهب الجمهور إلى أنه يجوز القصر في كل سفر مباح ، وذهب بعض إلى أنه يشترط في القصر الخوف في السفر ، وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة ، وعن بعضهم كونه سفر طاعة . [ ص: 50 ] ( فاقبلوا صدقته ) : أي سواء حصل الخوف أم لا ، إنما قال في الآية إن خفتم لأنه قد خرج مخرج الأغلب ، فحينئذ لا تدل على عدم القصر إن لم يكن خوف وأمر فاقبلوا ظاهره الوجوب فيؤيد قول من قال إن القصر عزيمة ، وقد قال البغوي : أكثرهم على وجوب القصر ، وقال الخطابي : في هذا الحديث حجة لمن ذهب إلى أن الإتمام هو الأصل ألا ترى أنهما قد تعجبا من القصر مع عدم شرط الخوف فلو كان أصل صلاة المسافر ركعتين لم يتعجبا من ذلك فدل على أن القصر إنما هو عن أصل كامل قد تقدمه فحذف بعضه وأبقى بعضه ، وفي قوله ـ عليه السلام ـ صدقة تصدق الله بها عليكم دليل على أنه رخصة رخص لهم فيها والرخصة إنما تكون إباحة لا عزيمة انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه . ( رواه أبو عاصم وحماد بن مسعدة ) : وروح بن عبادة كلهم عن ابن جريج ( كما رواه ابن بكر ) : أي محمد بن بكر عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن بابيه . وحديث روح عند الطحاوي ، وحديث أبي عاصم عند الدارمي لكن بلفظ أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن أبي عمار . وأما عبد الرزاق وكذا يحيى عند مسلم فقالا عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن بابيه . وأما عبد الله بن إدريس عند مسلم والنسائي وابن ماجه فقال عن ابن جريج عن ابن أبي عمار . فأشار المؤلف إلى هذا الاختلاف كذا في غاية المقصود .

                                                                      269 - باب متى يقصر المسافر



                                                                      الخدمات العلمية