الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الحادي عشر : أن مرسل من بعد التابعين لا يقبل ، ولم يحك عن أحد قبوله لتعدد الوسائط ; ولأنه لو قبل لقبل مرسل المحدث اليوم ، وبينه . [ ص: 366 ] وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز ، ولم يقبله أحد إلا ما سبق عن الغزالي في المنخول " وقد رددناه .

                                                      الثاني عشر : أن ظاهره قبول مرسل كبار التابعين دون صغارهم ، ولهذا قال في الرسالة " بعد النص المتقدم بكلام : ومن نظر في العلم بخبرة وقلة غفلة ، استوحش من مرسل كل من دون كبار التابعين بدلائل ظاهرة فيها . قال له قائل : فلم فرقت بين كبار التابعين المتقدمين الذين شاهدوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن شاهد بعضهم دون بعض ؟ قال الشافعي ( رحمه الله ) : فقلت : لبعد إحالة من لم يشهد أكثرهم قال : فلم يقبل المرسل منهم ومن كل ثقة دونهم ؟ فقلت : لما وصفت انتهى . فليعلم أن مذهبه ذلك إلا أن يوجد له نص بخلافه فيكون له قولان ، ويحتمل أنه جعل لمرسل كبار التابعين مزية على من دونهم كما جعل لمرسل سعيد مزية على من سواه منهم ، لكن هذا كله خلاف الظاهر من كلامه .

                                                      ثم قال الشافعي ( رضي الله عنه ) في الرسالة " : فكل حديث كتبته منقطعا ، فقد سمعته متصلا ، أو مشهورا عمن روي عنه بنقل عامة من أهل العلم يعرفونه عن عامة ، ولكن كرهت وضع حديث لا أتقنه حفظا خوف طول الكتاب ، وغاب عني بعض كتبي . انتهى . فنبه ( رضي الله عنه ) على أن كل ما يورده من المنقطعات فهو متصل ، سواء ابن المسيب أو غيره ، واستفدنا من هذا أن ما وجدناه في كتبه من المراسيل لا يقدح في مذهبه من عدم الاحتجاج بها ، فأبان بهذا أن ما نجده [ ص: 367 ] من المرسل هو عنده متصل ، ولكن ترك إسناده لما ذكر . الثالث عشر : أنه لا يقول بالمرسل إذا لم يعتضد بما سبق ، وزعم الماوردي في باب بيع اللحم بالحيوان أنه يقول به إذا لم يجد في الباب سواه ، وهو غريب ، ويعضده عمل الشافعي بأقل ما قيل إذا لم نجد دليلا ، لكن يلزمه طرد ذلك في كل حديث ضعيف ، وهو بعيد .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية