الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الموطن الرابع في مدلول الخبر مدلوله الحكم بالنسبة لا بثبوتها ، فإذا قيل : زيد قائم ، فليس مدلوله نفس ثبوت القيام لزيد في الخارج ، وإلا لم يكن شيء من الخبر كذبا ، وإنما يفيد أنك حكمت بقيام زيد ، وأخبرت عنه ، ثم إن طابق ذلك الواقع ، فيستدل به على الوجود الخارجي ، وإلا فلا ، هكذا قال الإمام فخر الدين . [ ص: 85 ] وهو مبني على أن الألفاظ موضوعة للمعاني الذهنية لا الخارجية ، لكن في كلام الإمام إبهام ، فإنه قال : إذا قيل : العالم حادث ، فمدلوله الحكم بثبوت الحدوث للعالم ، لا نفس الحدوث للعالم ، إذ لو كان مدلوله نفس ثبوت الحدوث للعالم ، لكان حيثما وجدنا قولنا : العالم محدث ، كان العالم محدثا لا محالة ، فوجب أن يكون الكذب خبرا ، ولما بطل ذلك علمنا أن مدلول الصيغة هو الحكم بالنسبة ، لا نفس النسبة . انتهى . واعترض القرافي وصاحب الحاصل " و التحصيل " على قوله : " وإلا لم يكن الكذب خبرا " ، وقالوا : صوابه العكس ، أي لا يكون الخبر كذبا ; لأنه يوهم تحقق الكذب لا بصيغته الخبرية ، والواقع على هذا التقدير ، انتفاء الكذب . قال القرافي : ; لأن الكذب إذا تعذر لا يتصف الخبر أبدا إلا بالصدق فلا يكون كذبا ، وأما الكذب في نفسه فهو متعذر مطلقا ، فلا حاجة إلى قولنا : لا يكون الكذب خبرا ; لأنه يوهم أنه قد يكون غير خبر ، والتعذر في نفسه على هذا التقدير لا يوجد مع الخبر ، ولا مع غيره . وقيل : الصواب عبارة الإمام ، والانتقادات عليهم لا عليه ، أما تقرير عبارته ، فلأن مدلول النسبة لو كان ثبوتيا ، لكان الكذب غير خبر ، لكن اللازم منتف ضرورة ; لأن الكذب أحد قسمي الخبر الذي هو صدق وكذب ، فالملزوم منتف ، وبيان الملازمة أن ثبوت النسبة ووقوعها في الخارج قد يكون الإخبار عنه كذبا ، وهو واضح . [ ص: 86 ]

                                                      وأما تبيين فساد عبارتهم ، فإن معنى قولنا : وإلا لم يكن الخبر كذبا ، وليس كذلك ، إذ من الخبر صدق ، كما أن منه كذبا . نعم ، استدلال الإمام على أن مدلوله الحكم بالنسبة لا ثبوتها ، بأنه لو لم يكن كذلك ، لم يكن شيء من الخبر بكذب ، وقد منعالقرافي انتفاء الملازمة ، وادعى أن العرب لم تضع الخبر إلا للصدق ، وسبق الرد عليه .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية