الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو قال : أحدكما حر بألف درهم فقبلا ، ثم قال : أحدكما حر بألف درهم ، أو قال : أحدكما حر بغير شيء ، فاللفظ الثاني لغو ; لأنهما لما قبلا العتق بالإيجاب الأول ، فقد نزل العتق في أحدهما لوجود شرط النزول وهو قبولهما ، فالإيجاب الثاني يقع جمعا بين حر وعبد ، فلا يصح ، ولو لم يقبلا ، ثم قال : أحدكما حر بغير شيء عتق أحدهما باللفظ الثاني بغير شيء ; لأنهما لما لم يقبلا لم ينزل العتق بالإيجاب الأول ، فصح الإيجاب الثاني وهو تنجيز العتق على أحدهما غير عين ، فيقال للمولى : اصرف اللفظ الثاني إلى أحدهما ، فإذا صرفه إلى أحدهما عتق ذلك بغير شيء ; لأن التنجيز حصل بغير بدل .

                                                                                                                                وأما الآخر فإن قبل البدل في المجلس يعتق وإلا فلا ; لأن الإيجاب الأول وقع صحيحا لحصوله بين عبدين ، وتعلق العتق بشرط القبول ، وقد وجد فيه ضرب إشكال ، وهو أن شرط وجوب الحرية لأحدهما هو قبولهما ، ولم يوجد ههنا إلا قبول أحدهما فينبغي أن لا يعتق العبد الآخر ، والجواب أن الإيجاب أضيف إلى أحدهما .

                                                                                                                                ألا يرى أنه قال : أحدكما حر وقد وجد القبول من أحدهما ههنا ، إلا أنه إذا لم ينجز عتق أحدهما يتوقف عتق أحدهما على قبولهما جميعا لاحتمال أنه أراد به الآخر ، فإذا عينه في التخيير علم أنه ما أراده بالإيجاب الأول ; لأن الإعتاق من المعتق لا يتصور فتعين الآخر للقبول ، وقد قبل فيعتق ، ولو قبلا جميعا قبل البيان عتقا ; لأن العتق لم ينزل بالإيجاب الأول ; لأنه تعليق العتق بشرط القبول ، فلا ينزل قبل وجود الشرط فيصح الإيجاب الثاني ، فإذا قبلا جميعا ، فقد تيقنا بعتقهما ; لأن أيهما أريد بالإيجاب الأول عتق بالقبول ، وأيهما أريد بالإيجاب الثاني عتق من غير قبول ; لأنه إيجاب بغير بدل ، فكان عتق كل واحد منهما متيقنا به لكن عتق أحدهما بالإيجاب الأول وعتق الآخر بالإيجاب الثاني فيعتقان ، ولا يقضى عليهما بشيء ; لأن أحدهما وإن عتق بالإيجاب ببدل إلا أنه مجهول ، والقضاء بإيجاب المال على المجهول متعذر كرجلين قالا لرجل : لك على أحدنا ألف درهم أنه لا يلزمهما بهذا الإقرار شيء لكون المقضي عليه مجهولا كذا هذا ، ولو لم يقبلا جميعا ولكن قبل أحدهما لا يعتق إلا أحدهما لوجود شرط عتق أحدهما ، وهو قبول أحدهما في هذه الصورة لما بينا من الفقه ، ثم إن صرف المولى اللفظ الثاني إلى غير القابل عتق غير القابل بغير شيء وعتق القابل بألف ، وإن صرف اللفظ الثاني إلى القابل عتق القابل بغير شيء وعتق غير القابل باللفظ الأول بألف إن قبل في المجلس ; لأن القابل منهما يعتق بالإيجاب الأول ، وإنه إيجاب ببدل فيعتق ببدل ، وغير القابل يعتق بالإيجاب الثاني ، وإنه إيجاب بغير بدل فيعتق بغير بدل .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية