الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وقد قالوا في توابع العقود التي لا ذكر لها في العقود : إنها تحمل على عادة كل بلد ، حتى قالوا فيمن استأجر رجلا يضرب له لبنا : إن الزنبيل والملبن على صاحب اللبن ، وهذا على عادتهم .

                                                                                                                                وقالوا فيمن استأجر على حفر قبر : إن حثي التراب عليه إن كان أهل تلك البلاد يتعاملون به ، وتشريج اللبن على اللبان ، وإخراج الخبز من التنور على الخباز ; لأن ذلك من تمام العمل .

                                                                                                                                وقالوا في الخياط : إن السلوك عليه ; لأن عادتهم جرت بذلك ، وقالوا في الدقيق الذي يصلح به الحائك الثوب : إنه على صاحب الثوب ، فإن كان أهل بلد تعاملوا بخلاف ذلك فهو على ما يتعاملون ، وقالوا في الطباخ إذا استأجر في عرس : إن إخراج المرق عليه ولو طبخ قدرا خاصة ففرغ منها فله الأجر ، وليس عليه من إخراج المرق شيء ، وهو مبني على العادة يختلف باختلاف العادة ، وقالوا فيمن تكارى دابة يحمل عليها حنطة إلى منزله فلما انتهى إليه أراد صاحب الحنطة أن يحمل المكاري ذلك فيدخله منزله وأبى المكاري ، قالوا : قال أبو حنيفة : عليه ما يفعله الناس ويتعاملون عليه [ ص: 210 ] وإن أراد أن يصعد بها إلى السطح والغرفة فليس عليه ذلك إلا أن يكون اشترطه ، ولو كان حمالا على ظهره فعليه إدخال ذلك ، وليس عليه أن يصعد به إلى علو البيت إلا أن يشترطه ، وإذا تكارى دابة فالإكاف على صاحب الدابة ، فأما الحبال والجوالق فعلى ما تعارفه أهل الصنعة ، وكذلك اللجام .

                                                                                                                                وأما السرج فعلى رب الدابة إلا أن تكون سنة البلد بخلاف ذلك فيكون على سنتهم ، وعلى هذا مسائل ، ولو التقط رجل لقيطا فاستأجر له ظئرا فالأجرة عليه وهو متطوع في ذلك ، أما لزوم الأجرة إياه فلأنه التزم ذلك فيلزمه ، وأما كونه متطوعا فيه فلأنه لا ولاية له على اللقيط فلا يملك إيجاب الدين في ذمته ، ورضاعه على بيت المال ; لأن ميراثه لبيت المال .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية