الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما صفة العقد فهو أنه عقد جائز غير لازم حتى لو والى رجلا كان له أن يتحول عنه بولائه إلى غيره ; لأنه عقد لا يملك به شيئا فلم يكن لازما كالوكالة والشركة ; لأنه بمنزلة الوصية بالمال ، والوصية غير لازمة ، فكذا عقد الموالاة ، إلا إذا عقل عنه لأنه إذا عقل عنه فقد تأكد العقل بقضاء القاضي وفي التحول به إلى غيره فسخ قضائه فلا يملك فسخ القضاء ، وكذا له أن يفسخه صريحا قبل أن يعقل عنه ; لأن كل عقد غير لازم لكل واحد من العاقدين فسخه ، كسائر العقود التي هي غير لازمة ، ولأن كل عقد يجوز لأحد العاقدين فسخه يجوز للآخر ، كسائر العقود القابلة للفسخ .

                                                                                                                                وها هنا يجوز لأحد العاقدين فسخه وهو القابل ، فكذا الآخر إلا أنه ليس له أن يفسخه إلا بحضرة الآخر أي بعلمه ; لأنه تعلق به حق الآخر فلا يملك إسقاطه مقصورا من غير علمه كعزل الوكيل مقصورا من غير علمه ، [ ص: 172 ] إلا أن يوالي الأسفل آخر فيكون ذلك نقضا دلالة ، وإن لم يحضر صاحبه أو انتقاضا ضرورة ; لأنه لا يملك موالاة غيره إلا بانفساخ الأول ، فينفسخ الأول دلالة وضرورة ، وقد يثبت الشيء دلالة أو ضرورة ، وإن كان لا يثبت قصدا كمن وكل رجلا ببيع عبده ثم عزله ، والوكيل غائب لم يعلم به لم يصح عزله ، ولو باع العبد أو أعتقه انعزل الوكيل علم أو لم يعلم كذا هذا والله الموفق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية