الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو كان له عبد آخر قيمته ألف درهم وألف درهم فأوصى بعبد لرجل وأوصى لرجل آخر بثلث ماله فالثلث ، وهو قدر ألف درهم يكون بينهما نصفين : خمسمائة للموصى له بجميع العبد وخمسمائة للموصى له بالثلث غير أن ما أصابه الموصى له بالجميع يكون في العبد ، وذلك خمسة أسداس العبد ، وما أصاب الموصى له بالثلث يكون بعضه في العبد ، وهو سدس ما بقي من العبد ، وهو عشر العبد ، والبعض في الدراهم ، وهو خمس الألفين ، فيضرب الموصى له بجميع العبد بخمسة أسداسه ، والموصى له بالثلث يضرب بسدس العبد ، وبخمس الألفين على أصل أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - ; لأنه اجتمع في العبد ، وصيتان : وصية بجميعه ، ووصية بثلثه ; لأن الوصية بثلث المال تناولت العبد لكونه مالا فاجتمعت في العبد وصيتان فسلم للموصى له بجميع العبد : ثلثاه بلا منازعة ، والثلث ينازعه فيه الموصى له بالثلث ، فيكون على الحساب من ثلاثة ; لحاجتنا إلى الثلث ، وأقل حساب يخرج [ ص: 377 ] منه الثلث ثلاثة : قسمان خليا عن منازعة الموصى له بالثلث فسلم ذلك للموصى له بالجميع بلا منازعة بقي سهم استوت منازعتهما فيه فيكون بينهما فينكسر فنضرب اثنين في ثلاثة فيكون ستة فثلثا الستة ، وهو أربعة سلم للموصى له بالجميع ; لأنه لا ينازعه فيه أحد ، وثلثها ، وهو سهمان ينازعه فيه الموصى له بالثلث ، واستوت منازعتهما فيه فيقسم بينهما لكل واحد منهما سهم ، وإذا صار العبد ، وقيمته ألف على ستة يصير كل ألف من الدراهم على ستة فصار الألفان على اثني عشر للموصى له بالثلث منهما : أربعة أسهم فصار له خمسة أسهم : أربعة أسهم من الدراهم ، وسهم من العبد ، وللموصى له بالجميع خمسة أسهم كلها في العبد ; لأنه لا وصية له في الدراهم فصارت وصيتهما جميعا عشرة أسهم فاجعل ثلث المال على عشرة أسهم ، فالثلثان عشرون سهما فالكل ثلاثون سهما ، والعبد ثلث المال ; لأن قيمته ألف درهم فصار العبد على عشرة أسهم ، والألفان على عشرين سهما فادفع وصيتهما من العبد فوصية الموصى له بالجميع خمسة ، وهو نصف العبد ، ووصية الموصى له بالثلث سهم ، وذلك خمس ما بقي من العبد ، وادفع وصية الموصى له بالثلث من الدراهم ، وذلك عشرون سهما : أربعة أسهم ، وهو خمس الألفين على ما ذكره في الأصل فبقي من العبد أربعة أسهم لا وصية فيها فيدفع إلى الورثة فيكمل لهم الثلثان ; لأن الموصى له بالثلث قد أخذ من الألفين أربعمائة ، وذلك أربعة أسهم ، وحصل للموصى له بالعبد خمسة أسهم من العبد ، وذلك نصفه ، وحصل للموصى له بالثلث أربعمائة من الدراهم ، وذلك خمسها ; لأنا جعلنا الألفين على عشرين سهما ، وأربعة من عشرين خمسها ، وحصل له من العبد سهم ، وذلك خمس العبد ، وحصل للورثة عشرون سهما ، وهي الثلثان ستة عشر سهما ، وذلك أربعة أخماسها ، وأربعة أسهم من العبد ، وذلك خمساه ، هذا قول أبي حنيفة - رحمه الله - ( وأما ) على قولهما فيقسم على طريق العول ، والمضاربة ، فصاحب العبد يضرب بجميع ثلثه وصاحب الثلث يضرب بالثلث سهما ، فيحتاج إلى حساب له ثلث ، وأقله ثلاثة فصاحب العبد يضرب بالجميع ، وذلك ثلاثة وصاحب الثلث يضرب بالثلث ، وذلك سهم فصار العبد على أربعة أسهم ، وإذا صار العبد على أربعة أسهم مع العول صار كل ألف على ثلاثة بغير عول ; لأنه لا حاجة إلى العول في الألف فصارت الألفان على ستة أسهم فللموصى له بالثلث ثلثها ، وذلك سهمان فتبين أن وصيتهما ستة أسهم ، وصية صاحب العبد ثلاثة كلها في العبد ، ووصية صاحب الثلث ثلاثة أسهم : سهمان في الدراهم ، وسهم في العبد فاجعل ذلك ثلث المال واجعل العبد ثلث المال ، واجعل العبد على ستة أسهم ، وادفع إليهما وصيتهما من العبد لصاحب العبد ثلاثة أسهم ، ولصاحب الثلث سهم بقي سهمان فاضلان لا وصية فيهما فادفع ذلك إلى الورثة حتى يكمل لهم الثلثان ; لأن صاحب الثلث قد أخذ سهمين من الدراهم ، وانتقص نصيب الورثة من الدراهم ، فيدفع سهمين من العبد إليهم حتى يكمل لهم الثلثان ، وقد جعل ثلث المال ، وهو العبد على ستة أسهم فالثلثان يكونان اثني عشر ، فادفع وصية صاحب الثلث من ذلك سهمين ثم ضم السهمين من العبد الذي لا وصية فيهما إلى عشرة أسهم حتى يكمل لهم الثلثان فحصل للورثة عشرة أسهم من الدراهم ، وسهمان من العبد ، وللموصى له بالعبد ثلاثة أسهم ، وذلك نصف العبد ، كله في العبد ، وللموصى له بالثلث سهم في العبد ، وذلك سدس العبد ، وسدس الألفين ، وهما سهمان من اثني عشر ، والله - تعالى - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية