الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو قال : أنت حر بعد موتي بشهر فكاتبه في نصف الشهر ، ثم مات لتمام الشهر ، فإن كان استوفى بدل الكتابة ، ثم مات لتمام الشهر كان العتق حاصلا بجهة الكتابة ، وإن كان لم يستوف بعد بدل الكتابة عتق بالإعتاق السابق وسقط اعتبار الكتابة عند أبي حنيفة ، وهذا يدل على أن العتق يثبت بطريق الاستناد عنده ، وقال أبو القاسم الصفار إنه تبطل الكتابة من الأصل سواء كان استوفى بدل الكتابة ، أو لم يستوف ، وهو قياس قول من يقول بثبوت العتق من طريق الظهور المحض ; لأنه تبين أن العتق يثبت من أول الشهر ، فيتبين أن الكتابة لم تصح ، وقد ذكرنا تصحيح ما ذكر في الكتاب وهو العتق بطريق الاستناد فيما تقدم فلا نعيده ، وعندهما إن استوفى بدل الكتابة فالأمر ماض ; لأن العتق عندهما يثبت مقتصرا على حال الموت وهو حر في هذه الحالة لوصوله إلى الحرية بسبب الكتابة عند أداء البدل ، وإن كان لم يستوف بعد بدل الكتابة ، فإن كان العبد يخرج من الثلث عتق من جميع المال ، وإن لم يكن له مال غيره عتق ثلثه بالتدبير ; لأنه مدبر مقيد ; لأن عتقه علق بموت موصوف بصفة قد يوجد على تلك الصفة وقد لا يوجد ، ويسعى في الأقل من ثلثي قيمته ، ومن جميع بدل الكتابة عند أبي يوسف وعند محمد يسعى في الأقل من ثلثي بدل الكتابة ، ومن ثلثي قيمته ، وأصل المسألة أن من دبر عبده ، ثم كاتبه ، ثم مات المولى ولا مال له غيره يعتق ثلثه مجانا بالتدبير ، ثم يسعى في الأقل من ثلثي قيمته ، ومن جميع بدل الكتابة عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، وعند محمد في الأقل من ثلثي قيمته ، ومن ثلثي بدل الكتابة ، فهذا على ذاك إلا أن عند أبي حنيفة يخير بين أن يسعى في هذا وبين أن يسعى في ذاك ، وعندهما يسعى في الأقل [ ص: 85 ] منها بدون التخيير ، ثم عند أبي حنيفة في مسألة الكتابة ، يعتبر صحة المالك ومرضه في أول الشهر .

                                                                                                                                هكذا ذكر في النوادر ; لأنه يصير معتقا من ذلك الوقت ، وقيل : هذا هو الحيلة لمن أراد أن يدبر عبده ، ويعتق من جميع المال ، وإن كان لا يخرج من الثلث بأن يقول : أنت حر قبل موتي بشهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر أو ما شاء من المدة ; ليعتق من ذلك الوقت وهو فيه صحيح فيعتق من جميع المال ، وعندهما كيف ما كان يعتبر عتقه من الثلث ; لأنه يصير عندهما معتقا بعد الموت ، والله عز وجل المستعان .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية